رفع الأسوار ليس الحل

رفع الأسوار ليس الحل

رفع الأسوار ليس الحل

 العرب اليوم -

رفع الأسوار ليس الحل

بقلم : عبد اللطيف المناوي

فى ظل تصاعد الأزمات التى تعصف بمنطقتنا، من الحرب الإسرائيلية المدمّرة فى غزة إلى التحديات الاقتصادية والتجارية بين أمريكا كقوة عظمى ومنطقة الخليج كسوق كبيرة، فضلًا عن تنامى المخاوف الأمنية.. جاءت زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى دول الخليج – السعودية وقطر والإمارات – لتعيد إلى السطح مناقشات قديمة جديدة حول الأمن، والتحالفات، وعناصر التوتر الإقليمى.

لكن القراءة المتأنية للمشهد تُفضى إلى استنتاج بديهى أن رفع الأسوار وعزل مصادر القلق ليس حلًا، بل وصفة لتكريس التوتر وتفخيخ المستقبل.

تاريخ المنطقة حافل بمحاولات العزل والتعامل المنفرد مع الملفات الساخنة.. لكنها فشلت جميعًا فى تحقيق الاستقرار الدائم. لا يمكن بناء الأمن فى الخليج دون الأخذ فى الاعتبار ما يحدث فى صنعاء، ولا يمكن الحديث عن النمو فى الخليج دون معالجة ما يجرى فى غزة، كما لا يمكن الحديث عن شراكة استراتيجية مع واشنطن دون مقاربة جماعية لمشاكلنا.

زيارة ترامب تذكّرنا بنمط مألوف من التفكير فى منطقتنا، وهو البحث عن الطمأنينة من خلال الانكفاء إلى الداخل، وتفضيل العزلة على المواجهة السياسية الجماعية. فرفع الأسوار هنا ليس مجرد إقامة حواجز مادية، بل هو قرار إرادى بانسحاب بعض الدول من مسؤولياتها الإقليمية، ومحاولة خلق مساحات طمأنينة خالية من الأزمات، وكأن العاصفة يمكن صدّها بإغلاق النوافذ.

هذا النوع من العزلة ليس حلًا بل خطأ استراتيجى. فالمشاكل لا تزول بتجاهلها، والحرائق لا تنطفئ بإدارة الظهر لها. من يعتقد أن بإمكانه تأمين استقرار دائم بينما جيرانه يشتعلون، يخطئ فى فهم طبيعة الجغرافيا، وتاريخ التحالفات، وحقيقة التهديدات. فى واقع مترابط كالذى نعيشه، لا يمكن لأى دولة أن تبنى قلاعًا محصّنة وسط محيط متصدّع.

إننا لا نرفع الأسوار لحماية أنفسنا فحسب، بل نعزل أنفسنا عن هموم جيراننا، ونفقد تدريجيًا أدوات التأثير فى المشهد الأوسع. وبدلًا من أن تكون دول المنطقة كاملة شريكًا فاعلًا فى حل قضية غزة، أو رافعة للاستقرار فى لبنان واليمن، نجدها تترك فراغًا تملؤه أطراف خارجية بأجندات خاصة ومختلفة.

هذه العزلة الطوعية، وإن بدت مريحة فى لحظتها، فإنها تؤسس لواقع مقلق، واقع يتم فيه تقليص المساحات المشتركة، وتفكيك أدوات العمل الجماعى، وتآكل الثقة السياسية بين دول الإقليم. ومع كل سور نرفعه، نخسر فرصة لتقريب وجهات النظر، أو بناء مشروع أمنى وتنموى مشترك.

قد نختلف على دوافع زيارة ترامب، لكن الأكيد أنها تفتح نافذة لا يجب تفويتها، فبدل أن تُقابل هذه الزيارة بالمزيد من التعالى والانعزال، يمكن تحويلها إلى فرصة لاقتحام الملفات العالقة، والجلوس إلى طاولة حوار شجاع. لا نحتاج إلى مزيد من الأسوار، بل إلى جسور تمتد بين العواصم، ومبادرات تتعامل مع التوتر لا تهرب منه.

إن كانت زيارة ترامب تذكّرنا بشىء، فهى أن الأزمات لا تُحل بالهروب، بل بالاقتراب منها بشجاعة، وطرح حلول جماعية تُعيد للمنطقة توازنها ومكانتها.

arabstoday

GMT 18:28 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

من روائع أبي الطيب (49)

GMT 18:26 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

البابا الجديد والمسار المعهود

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

الطريق إلى 30 مليون سائح

GMT 18:21 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

«عصير الأعصاب» مع المنتخبات!

GMT 18:20 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إيفيتا الأسطورة

GMT 12:37 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

كوريا الجنوبية ومصر .. فرصة ضائعة

GMT 06:12 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

كيف تستثمر في الكتب؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفع الأسوار ليس الحل رفع الأسوار ليس الحل



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:39 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

الجيش السوداني يسيطر على مناطق جديدة

GMT 09:55 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

واشنطن – الرياض... بين الماضي والمستقبل

GMT 00:51 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إجراءات أمنية جديدة في مطار بيروت

GMT 00:35 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

زلزال يضرب سواحل خاليسكو في المكسيك

GMT 06:04 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

ترمب في الرياض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab