أنس الشريف

أنس الشريف

أنس الشريف

 العرب اليوم -

أنس الشريف

بقلم : عبد اللطيف المناوي

فى الحروب، تُقتل الأجساد، لكن الكلمة تظل أحيانًا أقدر على تجاوز الموت. هذا ما حدث مع الشهيد الصحفى الفلسطينى أنس الشريف، الذى كتب وصيته الأخيرة قبل أن يلقى حتفه فى قصف إسرائيلى قرب مستشفى الشفاء. إسرائيل اعترفت بالقتل وزعمت أنه قائد خلية تابعة لحماس، لكن المنظمات الحقوقية نفت هذه المزاعم واعتبرتها ذريعة لإسكات صوت من أصوات الحقيقة.

وصية أنس تبدأ بعبارة موجعة «إن وصلتكم كلماتى هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت فى قتلى وإسكات صوتي». فى هذه الجملة يتكثف المعنى كله، الكلمة تُستهدف كما تُستهدف صاحبها، وحين يُقتل الصحفى، فالهدف هو تغييب الحقيقة، وإحلال رواية القاتل محل رواية الشاهد.

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة فى أكتوبر 2023، تحول الصحفيون هناك إلى أكثر فئة مستهدفة فى العالم. وفق إحصاءات دولية، قُتل ما بين 174 و230 صحفيًا وإعلاميًا خلال أقل من عامين، وهو رقم غير مسبوق فى النزاعات الحديثة. كثير منهم سقطوا فى منازلهم أو أثناء تغطيتهم الميدانية، ما يعكس سياسة ممنهجة لإخماد أى صوت ينقل للعالم مشاهد القصف والدمار.

أنس الشريف كان شاهدًا على المأساة، وواحدًا من أبناء مخيم جباليا الذين تربوا على حلم العودة إلى عسقلان المحتلة. فى وصيته، يوصى بفلسطين وأهلها، بأطفالها الذين «سحقت أجسادهم بآلاف الأطنان من القنابل». كما خص بالذكر والدته وزوجته وأطفاله، شام وصلاح، وطلب أن يكون الناس سندًا لهم بعد رحيله.

هذه الوصية تتجاوز بعدها الشخصى لتصبح وثيقة سياسية وأخلاقية؛ فهى تفضح منطق القوة الذى يريد طمس الحقيقة، وتضع العالم أمام مسؤولية أخلاقية، فإذا كان الصحفى مستعدًا لأن يدفع حياته ثمنًا لكلمته، فماذا عن أولئك الذين يتجاهلونها أو يبررون قتله؟

لكن السؤال القاسى يظل مطروحًا، وهو هل ستوقظ هذه الكلمات ضمير العالم؟ أنس نفسه يلمح إلى الشك فى ذلك، حين يشير إلى أن «أشلاء أطفالنا لم تحرك ساكنًا» لدى القوى الكبرى أو من يستطيعون وقف المذبحة. هذا الشك مشروع فى ظل تكرار الصمت الدولى أمام استهداف المدنيين والصحفيين فى غزة، رغم القوانين الدولية التى تلزم بحمايتهم.

من الناحية الرمزية، تمثل وصية أنس انتصارًا أخيرًا للكلمة على الرصاصة. إسرائيل ربما قتلت الجسد، لكنها لم تستطع منع رسالته من الوصول إلى ملايين الناس حول العالم، لتكون شاهدًا على لحظة اغتيال الحقيقة. الرسالة اليوم تتداولها وكالات الأنباء، والمنصات الإعلامية، وملايين المستخدمين، ما يجعلها أقوى من أى بيان سياسى فى فضح الجريمة.

فى النهاية، تظل وصية أنس الشريف نداءً مفتوحًا، أن لا تُنسى غزة، وأن لا يُنسى شهداؤها، وأن يظل الصوت الحر حاضرًا، مهما كانت تكلفة حضوره.

وصية أنس الشريف اختبار جديد لضمير كل إنسان يدعى الإيمان بالحرية والعدالة، ولكن للأسف ربما تكون نتيجة هذا الاختبار متوقعة وهذه هى المعضلة.

 

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنس الشريف أنس الشريف



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي

GMT 08:22 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس

GMT 07:26 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق رسمي من نيجيريا على الضربة الأميركية

GMT 09:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يشارك جمهوره كواليس مسلسل «علي كلاي»

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 12:37 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

3 قتلى باشتباكات مع الأمن السوري في ريف اللاذقية

GMT 17:00 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هيئة البث تكشف وساطة روسية سرية بين إسرائيل وسوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab