مشروع تدمير غزة

مشروع تدمير غزة

مشروع تدمير غزة

 العرب اليوم -

مشروع تدمير غزة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

تبدو غزة اليوم وكأنها على بعد خطوات من كارثة بشرية، ربما تعد هى الأسوأ فى تاريخنا الحديث. كارثة عنوانها تدمير قطاع كامل، وتشريد سكانه جميعا. كارثة تتجاوز حتى مرحلة القصف والدمار اليومى، لتصل إلى خطة أو مشروع واضح المعالم، أعلن عنه الجيش الإسرائيلى بكل صراحة، وبدأ تنفيذه بالفعل تحت اسم «عربات جدعون 2».

الاسم الذى أطلقته إسرائيل حتى على العملية لا يشير فقط إلى منطق القوة الموجودة فى الكلمة العبرية (عربات) والتى تعنى الآليات العسكرية التى تستخدمها فى الإبادة، بل تجاوزه إلى المنطق الدينى والمتمثل فى استخدام الجيش للفظ (جدعون)، وهو قائد عسكرى تاريخى يهودى، مذكور فى التوراة. إذن الجيش الإسرائيلى فى عملية تدمير غزة يحمل فى عنقه القوة العسكرية مدعومة بقداسة دينية، ما يشير إلى العقيدة الأساسية لدى إسرائيل مهما اختلفت قادتها.

ما جرى خلال الفترة الماضية هو مشروع تدمير وإبادة جماعية تُمارس على مرأى ومسمع العالم منذ حوالى 23 شهرًا، ولكن الآن المشروع دخل فى مرحلة التنفيذ الفعلى، وأيضاً على مرأى ومسمع العالم.

فالجيش الإسرائيلى، حسب بيان أصدره المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان أمس، بدأ فى نسف مربعات سكنية كاملة، ويتحرك عبر محاور متزامنة، يحاصر خلالها أكثر من مليون إنسان فى أقل من 30٪ من مساحة المدينة.

ومع مناشدات وزارة الداخلية الفلسطينية لهم بالتشبث ببيوتهم، وعدم الاستسلام لمحاولات الترهيب والابتزاز، نتساءل: كيف يمكن لإنسان محاصر بين أنقاض بيته، تحت القصف المستمر، أن يحتمى بشىء؟ ربما العزيمة والإصرار، ولكن هل هذا يكفى؟

عملية تدمير غزة، وفقاً لإذاعة الجيش الإسرائيلى، سوف تستمر حتى العام القادم، وسيصل عدد جنود الاحتياط المشاركين فى ذروتها إلى 130 ألف جندى. أى أن التدمير سيكون عبر خطة طويلة الأمد، ومدروسة بعناية، ومصممة لمحو المدينة عن الوجود وتحويلها إلى منطقة محتلة بالكامل.

ما يزيد قتامة المشهد أن وزير الدفاع الإسرائيلى، يسرايل كاتس، صادق على خطة السيطرة، أما رئيس الوزراء نتنياهو، فقد أعلن بوضوح أن الهدف هو فرض السيطرة الكاملة على غزة، وإنهاء وجود حماس، بل وتغيير نموذج الحكم فى القطاع بحيث لا يشمل لا حماس ولا حتى السلطة الفلسطينية.

تصريحات نتنياهو لم تترك حتى أى مساحة للالتباس، فمليون إنسان محاصر، وأطفال بلا مأوى، وأمهات يبحثن عن كسرة خبز، وشيوخ يودّعون بيوتهم التى تحولت إلى أطلال، يواجهون آلة عسكرية فقدت كل معانى الإنسانية.

مشروع تدمير غزة هو لعنة أخلاقية، فحين تُمحى مدينة بأكملها من الوجود، يفقد العالم جزءًا من إنسانيته. هذا المشروع يتعدى حتى فكرة جريمة الإبادة، يتعداها إلى كونه واحدة من أسوأ الكوارث التى عرفها الإنسان فى العصر الحديث. الحقيقة المرة هو أن ما يجرى أمامنا قد يظل محفورًا فى ذاكرة التاريخ، فما يجرى أمامنا هو مدينة تُذبح ببطء.

 

arabstoday

GMT 08:47 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

لا فوضى في النضال

GMT 08:43 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

كيف للجنوب اليمني أن ينفصل؟

GMT 08:14 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

وقت الحِكمة اليمانية

GMT 08:08 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

القضايا العربيّة ونهاية العلاج الأوحد المزعوم

GMT 08:06 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

«أرض العرب» في «عصر نتنياهو»!

GMT 08:01 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

العام 2025... رغم أهواله لكنَّه أبو الذكاء الاصطناعي

GMT 07:56 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

حكومة ستارمر والسلطة الرابعة

GMT 07:54 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

الهزيمة حين تنتحل النصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع تدمير غزة مشروع تدمير غزة



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:44 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أرسنال يخشى فقدان صدارة الدوري الإنكليزي أمام برايتون

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 14:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

17 مليون معتمر من الخارج يؤدون العمرة في جمادى الآخرة

GMT 19:24 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة العالمية تحذر من انهيار صحي شامل في قطاع غزة

GMT 07:27 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

توقعات الأبراج​ اليوم السبت 27 ديسمبر/ كانون الأول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab