تهجير ممنهج وليس خلافًا عقاريًا

تهجير ممنهج وليس خلافًا عقاريًا

تهجير ممنهج وليس خلافًا عقاريًا

 العرب اليوم -

تهجير ممنهج وليس خلافًا عقاريًا

بقلم : عبد اللطيف المناوي

تشهد الأراضى الفلسطينية المحتلة، خاصة القدس والضفة الغربية، تصعيدًا خطيرًا فى سياسات الاحتلال الإسرائيلى، تتجسد فى حملة ممنهجة للإخلاء والتهجير القسرى، بالتوازى مع تصاعد غير مسبوق فى عنف المستوطنين، فى ظل غطاء سياسى وقضائى من الحكومة الإسرائيلية التى يقودها اليمين المتطرف. التقارير الأخيرة حول الاستيطان تكشف عن ملامح واضحة لخطة تهدف إلى تغيير ديموجرافى جذرى، يتجاوز السيطرة على الأرض إلى اقتلاع الوجود الفلسطينى ذاته.

فى القدس المحتلة، تتحول الأحياء الفلسطينية إلى أهداف معلنة لسياسات التهجير، حيث تنشط سلطات الاحتلال فى استخدام قوانين تمييزية وأدوات قانونية عنصرية لانتزاع المنازل من سكانها الفلسطينيين لصالح منظمات استيطانية.

تُستخدم المحاكم الإسرائيلية كأداة طرد، وليست مرجعًا للعدالة، حيث أيدت المحكمة العليا أوامر الإخلاء بحق عائلات مقدسية، استنادًا إلى قوانين مثل «قانون أملاك الغائبين» وقانون «حق العودة» لليهود، الذى يسمح باستعادة ممتلكات ما قبل 1948 لليهود فقط، بينما يُحرم الفلسطينيون من أى حق مماثل. هذا التمييز القانونى الممنهج وصفته منظمة «السلام الآن» الإسرائيلية بأنه وصمة عار تُفقد إسرائيل أى ادعاء بالديمقراطية أو العدالة.

القانون الدولى يقف بوضوح ضد هذه السياسات، إذ اعتبرت محكمة العدل الدولية، فى رأيها الاستشارى الأخير، أن الاستيطان فى القدس الشرقية والهدم القسرى للفلسطينيين يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى. كما عبر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن أن «قوانين إسرائيل تُرسخ نظام تمييز قانونى لا يتفق مع القانون الدولى».

أما فى الضفة الغربية، فإن عنف المستوطنين بلغ ذروته، مترافقًا مع سياسات خنق للحياة الفلسطينية من خلال إغلاق الحواجز والطرق الحيوية، فى وقت تُترك فيه المستوطنات والبؤر الاستيطانية تَعِثُ فسادًا من دون محاسبة.

الاعتداءات لم تعد أحداثًا متفرقة، بل باتت حملة منظمة وواسعة؛ من إحراق المنازل، إلى رشق المواطنين بالحجارة، وصولًا إلى السيطرة على آبار المياه، وتجريف الأراضى الزراعية، وإغلاق الطرق المؤدية إلى الحقول. مشهد متكرر يُظهر تغوّل المستوطنين وغياب أى رادع قانونى، خاصة بعد أن ألغى وزير جيش الاحتلال، يسرائيل كاتس، أوامر الاعتقال الإدارى ضدهم، ما شكّل ضوءًا أخضر لارتكاب الجرائم من دون مساءلة.

استمرار هذه السياسة العنصرية المدعومة من الحكومة الإسرائيلية والمتغاضية عنها محاكمها، ينذر بانفجار شامل. إنها ليست مجرد أزمة قانونية أو إنسانية، بل جريمة سياسية تُنفذ على مراحل، تهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطينى فى المناطق الحيوية عبر القهر والإذلال والقوة.

الواقع الذى يفرضه الاحتلال اليوم هو محاولة فرض وقائع على الأرض قبل أى تسوية سياسية مستقبلية. لكنه أيضًا يؤسس لدورة جديدة من الصراع والمواجهة، لا يمكن احتواؤها إلا بضغط دولى حقيقى ومحاسبة قانونية للمسؤولين عن الانتهاكات.

ما يحدث ليس مجرد نزاعًا عقاريًا كما تحاول بعض الروايات الإسرائيلية تصويره، بل هو تطهير ديموجرافى ممنهج، يُدار تحت غطاء قانونى مزيف، ويستند إلى أيديولوجيا عنصرية تسعى لفرض واقع استيطانى لا مكان فيه للفلسطينيين، لا فى القدس ولا فى الضفة.

 

arabstoday

GMT 15:59 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

لنطرد الداعشي الصغير من دواخلنا

GMT 15:49 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

مشروع احتراف لاعبى اليد فى أوروبا

GMT 11:45 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

سوريا ولا لثنائية: نحنُ وهم

GMT 09:44 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

سوريا... مشروع «مارشال» العربي

GMT 09:43 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

ستارمر وأصوات المراهقين

GMT 09:39 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

سوريا ومسار الحوار الوطني الشامل

GMT 09:37 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

عالم «يرفل» في حروب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهجير ممنهج وليس خلافًا عقاريًا تهجير ممنهج وليس خلافًا عقاريًا



هيفاء وهبي تمزج الأناقة بالرياضة وتحوّل الإطلالات الكاجوال إلى لوحات فنية

بيروت ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - 5 أمثلة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

GMT 09:43 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

ستارمر وأصوات المراهقين

GMT 16:35 2025 الخميس ,17 تموز / يوليو

ميانمار تتعرض لزلزال شدته 3.7 درجة

GMT 18:33 2025 الخميس ,17 تموز / يوليو

ترامب يعتزم إبلاغ 150 دولة بفرض رسوم جمركية 15%
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab