المجاعة التى لا يعترف بها العالم

المجاعة التى لا يعترف بها العالم

المجاعة التى لا يعترف بها العالم

 العرب اليوم -

المجاعة التى لا يعترف بها العالم

بقلم : عبد اللطيف المناوي

فى لغة السياسة والمواقف الدولية، لا تكاد تخلو التقارير من الإشارة إلى «مجاعة غزة»، ولا يخلو بيان أممى أو تقرير حقوقى من تحذير عاجل بشأن كارثة إنسانية تعصف بأكثر من مليون ونصف المليون إنسان محاصرين وسط آلة حرب إسرائيلية.

نعم، تُذكر المجاعة فى بيانات المنظمات، وتُوثق فى مقالات الصحف العالمية، ويؤكدها مسؤولو الإغاثة عبر الشاشات، لكنّها، ورغم كل هذا الاعتراف، تبدو بلا أثرٍ على أرض الواقع، كأنما العالم قرر أن يراها، لا لينقذها. كأن المنظمات والمؤسسات أرادت فقط أرشفتها ضمن سجلات المجاعات، ولا شىء آخر!

منذ أشهر، وأصوات الأطفال فى غزة تعلو من وسط الركام، لا بالبكاء فقط، بل بصمت من فرغت معدته حتى من القدرة على الأنين. يموت الأطفال هناك بسبب سوء التغذية الحاد، وهو توصيف (بسيط) لمأساة يُفترض فى القرن الحادى والعشرين أن تكون جريمة كبرى يعاقب عليها مرتكبها، لا مأساةً صامتة تُترك لتتكرر فى كل يوم. التقارير تشير بوضوح إلى أن ما لا يقل عن ٩٠٪ من سكان غزة يواجهون انعدام الأمن الغذائى، لكن شيئًا من ذلك لا يغير شيئًا.

فى فبراير ٢٠٢٤، قالت منظمة الأمم المتحدة إن «مجاعة وشيكة» تهدد شمال القطاع، ثم عادت بعدها بأسابيع لتؤكد أن المجاعة بدأت فعليًا، وطوال النصف الأول من هذا العام ٢٠٢٥، وصولًا إلى الأيام السابقة فقط، تتواصل البيانات والتحذيرات، لكن المساعدات شحيحة ويتحكم فيها مرتكبو المجزرة.

وبين البيانات والتقارير، يتساقط الأطفال واحدًا تلو الآخر، لا أستطيع مفارقة صورة الطفلة ذات العام والنصف، التى فارقت الحياة بسبب الجوع فى دير البلح، ويُتداول اسمها بين النشطاء لا المسؤولين. أما هؤلاء فقد انشغلوا بمراسم الإدانات.

إنها مجاعة من نوع خاص، مجاعة «مُعترف بها» على الورق فقط. فى المجاعات التقليدية تُرصد الأموال، وتُفتح الجسور الجوية، وتُحشد الموارد، ويعاقب الجناة. أما فى غزة، فقوافل الإغاثة تُقصف، والإعلام يُدجّن ليغطى على الجريمة.

اللافت أن الأدوات التى تملكها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، من بيانات وتحذيرات ومؤتمرات، لم تعد تجدى، بل تحولت فى أحيان كثيرة إلى ستار للعجز. فالعالم بات يتقن رثاء الضحية أكثر من إنقاذها، ويقيس منسوب الجوع فى عظام الأطفال، لا ليمنعه بل ليوثق مشهده بدقة.

وفى هذه المهزلة الإنسانية، يُصبح الجوع فى غزة- وتحديدًا جوع الأطفال- شاهدًا أخلاقيًا على انهيار النظام العالمى، لا فقط على أزمة إنسانية عابرة. فحين يصبح الطفل الفلسطينى هدفًا مشتركًا للموت بالقصف والموت بالجوع، وتغيب العدالة حتى عن أرغفة الخبز، فإن هذا يعنى أن العالم لا ينكر المجاعة، لكنه ببساطة لا يعترف بالضحايا.

قد تكون المجاعة فى غزة أول جريمة موثقة بالأقمار الصناعية، وبالصوت والصورة، لكنها تبقى للأسف جريمة بلا محاسبة، وبلا نجدة، وبلا خجل.

 

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجاعة التى لا يعترف بها العالم المجاعة التى لا يعترف بها العالم



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:58 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يشن ضربات على مواقع حزب الله في جنوب لبنان
 العرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يشن ضربات على مواقع حزب الله في جنوب لبنان

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
 العرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab