إعلام ما بعد الأزمة

إعلام ما بعد الأزمة

إعلام ما بعد الأزمة

 العرب اليوم -

إعلام ما بعد الأزمة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

نستكمل اليوم الحديث عن العلاقة الوثيقة بين الإعلام وإدارة الأزمات، ولكن من زاوية تبدو أكثر هدوءًا وتأملًا: المرحلة التى تعقب انتهاء الأزمة. بينما يظن البعض أن مهمة الإعلام تنتهى بانحسار الحدث، فإن التجربة تؤكد أن ما بعد الأزمة وقت البناء الحقيقى، واستعادة الثقة، وتحليل الدروس.

فى هذه المرحلة، لا يقتصر دور الإعلام على استعراض ما جرى، بل يمتد إلى تفكيك وإعادة ترتيب المشهد، واستعراض الأداء، ومرافقة الناس فى طريق العودة إلى الاستقرار. هنا، يكون الإعلام أكثر من مجرد صوت؛ إنه بوصلة أخلاقية، تعيد تعريف العلاقات بين الناس والدولة، وتفتح النقاش حول ما يجب تغييره أو تطويره.

ما بعد الأزمة لحظة مراجعة كبرى. وللإعلام دور مهم فى خلق مناخ يساعد على المكاشفة دون تجريح، وعلى النقد دون تشهير. من خلال الحوار المفتوح، والتقارير التفسيرية، والمقابلات المعمقة، يستطيع الإعلام أن يسلّط الضوء على أوجه القصور، وعلى ما جرى تجاوزه، وعلى الفرص الضائعة التى يجب عدم تكرارها، وعلى ضرورة استغلال ما حدث فى مد جسور الثقة.

لا يمكن تجاهل العامل النفسى فى هذه المرحلة. فالناس، بعد المرور بظرف استثنائى، يحتاجون إلى خطاب إعلامى يواسيهم ويشد أزرهم من جانب، ويذكّرهم بأن تجاوز الأزمة لم يكن سهلًا، لكنه كان ممكنًا، وأن ما تحقق إنما تحقق بتكاتف الجميع من جانب آخر، ويستخلص معهم الدروس المستفادة للبناء عليها من جانب أخير. ولذلك، فإن اللهجة التى يستخدمها الإعلام هنا لا بد أن تميل إلى الإيجابية، دون إنكار الألم، وإلى التفاؤل دون ادعاء الإنجاز الكامل.

فى الوقت ذاته، على الإعلام أن يسهم فى إعادة بناء الصورة العامة للمؤسسات التى تعرضت للاهتزاز. ليس من باب التجميل أو التبرير، بل من باب عرض الجهود الإصلاحية، وتسليط الضوء على ما يُبذل من أجل تصحيح المسار، بلغة هادئة منطقية يعرفها أهلها جيدًا. هذه الشفافية فى التواصل تعزز من مصداقية المؤسسات، وتساعد فى استعادة الثقة تدريجيًا.

كما أن الإعلام يستطيع، فى مرحلة ما بعد الأزمة، أن يربط بين التجربة السابقة واستحقاقات المستقبل. أى أنه يذكّر المجتمع بأن كل أزمة هى أيضًا فرصة للتطوير. ومن خلال تغطيات مهنية، وملفات تحليلية، يمكن فتح نقاش عام حول تحسين البنية التحتية، أو تعزيز الجاهزية، أو تطوير أدوات الإنذار المبكر، منعًا لتكرار الأزمات.

باختصار، لا يجب أن يطفئ الإعلام ميكروفوناته بانتهاء الأزمة، بل يفتحها على مرحلة من العمل أكثر مسؤولية. إنه يرصد، ويناقش، ويضيء الطريق نحو تجاوز آثار الأزمة بأقل الأضرار، وبأكبر قدر ممكن من التعافى، وفى الوقت نفسه يكون ذا ثقة إذا ما وقعت أزمات أخرى.

هنا لا يكون الإعلام مجرد أداة للتبرير أو الدفاع فى مرحلة الأزمات، بل شريكًا فعليًا فى رسم ملامح العلاقة بين الناس والدولة.

 

arabstoday

GMT 10:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أجيال .. وأجيال

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يطغَى الفُجور في الخصومة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلام ما بعد الأزمة إعلام ما بعد الأزمة



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 03:47 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 04:12 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروع أميركي لرفع اسم أحمد الشرع من قائمة عقوبات مجلس الأمن

GMT 05:01 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 07:24 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات دبلوماسية أمام مشروع القوة الدولية في غزة

GMT 04:57 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مدفعية الاحتلال تقصف المياه اللبنانية قبالة الناقورة

GMT 04:49 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 6.2 يضرب إندونيسيا

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 05:19 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخصين بضربة أميركية استهدفت قارب مهربين في المحيط الهادئ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab