الخاسر الأكبر من النزاع في السودان

الخاسر الأكبر من النزاع في السودان

الخاسر الأكبر من النزاع في السودان

 العرب اليوم -

الخاسر الأكبر من النزاع في السودان

بقلم : عبد اللطيف المناوي

تُعد مسألة صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى المواطنين السودانيين من أخطر أزمات الحرب الدائرة فى السودان، وهى مؤشر واضح على أن الخاسر الأكبر فى هذا الصراع هو المواطن السودانى العادى، الذى يدفع ثمن نزاع لم يكن متسببًا فيه من الأساس.

مع استمرار القتال فى مناطق مأهولة بالسكان، وغياب أى هدنة إنسانية دائمة، باتت منظمات الإغاثة غير قادرة على الوصول إلى ملايين المتضررين، سواء داخل السودان أو النازحين على الحدود. وقد أكدت تقارير الأمم المتحدة أن السودان يعيش اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية فى العالم، حيث يحتاج أكثر من 25 مليون شخص– أى نصف عدد السكان تقريبًا– إلى مساعدات غذائية وطبية عاجلة، فى حين تمكّنت المنظمات الدولية من الوصول إلى أقل من 10٪ من هؤلاء فقط بسبب انعدام الأمن، ورفض أطراف النزاع تسهيل مرور القوافل الإغاثية.

فى مدن مثل الخرطوم ونيالا والفاشر، يعانى المدنيون من نقص حاد فى الغذاء والماء والدواء، إلى جانب انهيار النظام الصحى بشكل شبه كامل، حيث دُمّرت أو أُغلِقت مئات المستشفيات والمراكز الطبية، ويفتقر الأطباء لما يلزمهم من معدات أو حتى وسائل الحماية الشخصية. كما تُسجّل حالات المجاعة بالفعل فى مناطق غرب دارفور وكردفان، وسط صمت دولى وعجز أممى عن الوصول للمحتاجين بسبب المعارك المستمرة. وقد حمّل برنامج الغذاء العالمى أطراف النزاع مسؤولية «تسييس العمل الإنساني»، مؤكدًا أن عمال الإغاثة يُواجهون مضايقات وقيودًا على التنقل تصل إلى حد التهديد المباشر.

وإلى جانب ذلك، أدّى النزوح الواسع للسكان– حيث اضطر أكثر من 13 مليون شخص إلى ترك منازلهم– إلى خلق أوضاع إنسانية كارثية فى معسكرات اللجوء التى تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. يُعانى الأطفال من سوء تغذية حاد، وتفشّت الأمراض المعدية فى ظل شُح المياه النظيفة وتردى ظروف النظافة. كما أن النساء والفتيات يتعرضن لانتهاكات جسيمة من قبل ميليشيات مسلحة فى مناطق النزاع والنزوح، بحسب تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية.

فى ظل كل ذلك، يبرز المواطن السودانى البسيط– غير المنتمى لأى من طرفى الصراع– كأول وأكبر ضحايا هذه الحرب. فقد خسر أمنه، ومصدر رزقه، وحقه فى الحياة الكريمة، وأصبح رهينة لصراع لا ناقة له فيه ولا جمل. ولعل المأساة الأكبر أن العالم، رغم هول الكارثة، لم يخصص سوى أقل من 15٪ من التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024 بحسب بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.

إن ما يحدث فى السودان ليس مجرد أزمة سياسية أو عسكرية، بل مأساة إنسانية مكتملة الأركان، يُدفع ثمنها من دم وكرامة الإنسان السودانى العادى الذى كان يستحق السلام والكرامة لا الحرب والخراب.

arabstoday

GMT 05:29 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

الشناوى والمناضلون.. و«هداف الأمة»

GMT 05:27 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل فى الصومال وباب المندب

GMT 04:50 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

المرور وإرادة الإصلاح (2)

GMT 04:47 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذا القلق؟

GMT 04:44 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

العبث في أرض الصومال

GMT 04:42 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

السيسي في مدينة زويل!

GMT 04:35 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

صحراء مصر ثروتها

GMT 04:32 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

شوقي والبارودي وغيرهما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخاسر الأكبر من النزاع في السودان الخاسر الأكبر من النزاع في السودان



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 07:03 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

غارات إسرائيلية تستهدف مخيمات وسط غزة

GMT 07:17 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab