كرد سوريا وشيعة لبنان

كرد سوريا وشيعة لبنان

كرد سوريا وشيعة لبنان

 العرب اليوم -

كرد سوريا وشيعة لبنان

بقلم : محمد الرميحي

 

ما يتكشف على الأرض في سوريا أنه جرت مذابح هائلة، حتى أكثر المتشائمين، لم يكن يقدر مدى فداحتها، وما عرفه العالم حتى الآن ما هو إلا رأس جبل الثلج، حكم طائفي إبادي، شعاره تغييب الخصوم، وكما قال صديق في المعارضة السورية (إنه أسوأ حكم مر على سوريا منذ الفتح الإسلامي)!

تاريخ ذلك الحكم يُترك للسوريين لنبش عفنه الذي يزكم الأنوف، ماذا عن المستقبل، وخاصة ترتيب الحكم الجديد مع بقية المكونات السورية؟

سوريا بها ست عشرة ملة عرقية وإثنية، عرب، وأكراد، وتركمان، وشركس، وأرناؤوط، ودروز، وشيعة، وعلويون، ومسيحيون، وإسماعيلية، ومرشديون، إيزيديون وغيرهم، تكبر تلك المكونات أو تصغر، والسنة فيها أغلبية، كما أن سوريا (الشام) تاريخياً بلد مهاجرين، لذلك أكبر حي في دمشق اسمه (حي المهاجرين)، معظم القوى المسلحة التي وصلت إلى السلطة هم السنة، وهناك فصيل مسلح كردي.

الظاهرة الاجتماعية الأهم في سوريا أن كل تلك المكونات تكاد تكون ذائبة مع بعضها في النسيج الاجتماعي السوري، في المدن والبلدات المختلفة، أي أن القليل من تلك المكونات له جغرافيا واحدة، والذي يجعل الجميع يحمل الصفة العربية بشكل عام، فليس أمام السوريين إلى المستقبل إلا دولة وطنية جامعة.

مشكلة الأكراد أن لهم الحلم القديم في إقامة دولة كردية، وهي القضية التي تشغل كل دول الجوار، الكرد في سوريا أقل المجموعات الكردية في الإقليم، الغالبية في تركيا، والبعض في العراق وفي إيران، على اختلاف الأرقام المتوفرة، والمنطقة الجغرافية التي يتموضع فيها كرد سوريا، ليست كردية صافية، بل فيها عرب وتركمان وربما أكثرية، فسوريا من المستبعد أن تكون ذات كيان كردي مستقل، وجودهم مسلحين في العشرية السابقة كان وظيفياً، وقد انتهى بحدوث التغيير.

تركيا تخوض صراعاً طويلاً مع حزب كردي يرفع شعار الدولة الكردية هو حزب العمال الكردي، وهو مصنف على أنه إرهابي، وتاريخ الصراع الكردي التركي طويل، حاولت تركيا أن تحتويه في أكثر من مرحلة، إلا أن ليس كل الأكراد في تركيا هم ذلك الحزب، فبعضهم مشارك في حزب العدالة والتنمية الحاكم (ستون نائباً من الحزب أكراد) وهناك حتى لحزب العمال ممثلون تسعة في البرلمان التركي، وقيادات تاريخية تركية، منهم رئيس الوزراء توركت أوزال، أبو الإصلاح الاقتصادي، واليوم محمد شمشك عرَّاب الاقتصاد الحالي في الوزارة القائمة.

في سوريا أيضاً كان في الحكم أكراد، شكري القوتلي، وحسني الزعيم، وأديب الشيشكلي، ورئيس الوزراء محسن البرازي، فليس أمام المكون الكردي السوري غير الدولة الوطنية، وجوده مسلحاً يزعج الأتراك ويعرض قيام الدولة السورية الوطنية للخطر.

وضع الكرد في العراق مختلفة ظروفه، وقد قادت إليه حماقات صدام حسين، وتدخل دول في الجوار، ولكن ليس مرشحاً أن يكرر، حتى محاولة الاستقلال في الاستفتاء عام 2017 فشلت، فليس أمام كرد سوريا إلا الانخراط مع غيرهم في الدولة المدنية.

في لبنان هناك ثماني عشرة طائفة، استقوى على الجميع تقريباً «حزب الله» في مرحلة سابقة بسبب التدخل الإقليمي وبسبب الإغواء أو التخويف، وشعارات زاعقة، مما أوصل لبنان إلى الدولة الفاشلة، والاقتصاد المعوق، بعد التطورات الأخيرة ليس لشيعة لبنان إلا الدولة الوطنية الجامعة، بصرف النظر عن مرارة الماضي ومآسيه التي حملتها الأطراف الأخرى، دون ذلك فإن الوضع الإقليمي والدولي لن يسمح للحزب أن يكون مسلحاً يتحكم في الدولة كما كان، أو مهدداً للسلم الاجتماعي اللبناني، وكلما وصلت قياداته لهذه النتيجة، كان أفضل لها وللآخرين.

العنوان الأهم في كل هذه المرحلة الضبابية السابقة في عدد من الدول العربية على رأسها لبنان وسوريا وأيضاً العراق واليمن، هو رفض مكون أو أكثر السماح بالتساكن والعيش المشترك مع المكونات الأخرى في الوطن، ومحاولة فريق، تحت شعارات مختلفة، الاستحواذ على السلطة والثروة، وتهميش الآخرين، بل في بعض المناطق تصفية قياداتهم.

تلك المعادلة يكاد وقتها أن ينتهي، فلا مناص من الدولة الوطنية القانونية العادلة، غيرها استمرار صراع الطوائف، وإضعاف الأوطان وتعرضها للاختراق.

لذلك، فإن النظام الجديد في سوريا ليس له طريق للنجاة والاستمرار إلا ذلك الطريق، الدولة الوطنية القانونية والتي تضم كل المكونات، تحت سقف واحد وبمسطرة قانونية واحدة.

ليس سهلاً صناعة الحداثة في الدولة التي خرجت من جب الاستحواذ والاستبداد، ومع صعوبة العملية إلا أنها تستحق العمل الجاد تجاهها وأمام سوريا تحديان ضخمان، على الأقل الملف الاقتصادي، الذي يحتاج إلى حل سريع، وملف رأس المال الوطني الذي هاجر.

من هنا تأتي أهمية احتضان العرب لسوريا الجديدة، وخاصة العرب الأقرب، وهي دول الخليج والأردن ومصر، هي محاولة تستحق أن تخاض وبالسرعة اللازمة من أجل مساعدة سوريا في المرور الآمن بالمنعطف الخطير.

آخر الكلام: الليالي حبلى والإدارة الأميركية القادمة صعب توقع توجهها، بالتالي على العرب أن يبادروا لحفظ الأمن والسلام في إقليمهم، وسوريا واسطة العقد.

arabstoday

GMT 13:52 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة فاشلة؟

GMT 13:47 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 13:45 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«أبو لولو»... والمناجم

GMT 13:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ونصيحة الوزير العُماني

GMT 13:42 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سراب الوقت والتوأم اللبناني ــ الغزي

GMT 13:41 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هل ينجح ترمب في إنقاذ إسرائيل من نفسها؟

GMT 13:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرُ... التى من أجلها تُشرقُ الشمسُ

GMT 13:37 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من القصر إلى الشارع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كرد سوريا وشيعة لبنان كرد سوريا وشيعة لبنان



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:20 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطالب إسرائيل بالسماح بدخول الصحفيين الأجانب إلى غزة
 العرب اليوم - واشنطن تطالب إسرائيل بالسماح بدخول الصحفيين الأجانب إلى غزة

GMT 18:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري
 العرب اليوم - شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 18:09 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بابا الفاتيكان يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في السودان

GMT 02:58 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران تواجه خطر نفاد مياه الشرب بسبب "جفاف تاريخي"

GMT 03:04 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر

GMT 17:38 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي

GMT 02:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعيد التهديد بالتدخل العسكري ضد نيجيريا برًا أو جوًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab