من أجْل إخراج لبنان من الجب

من أجْل إخراج لبنان من الجب

من أجْل إخراج لبنان من الجب

 العرب اليوم -

من أجْل إخراج لبنان من الجب

بقلم : فؤاد مطر

لو كان مؤتمر «الطائف» وَجَبَ عقْده للمرة الثانية لعلاج الأزمة اللبنانية المستعصية، لكان هذا المؤتمر سيبلور واقع حال لبنان، ولأثبت البند الأساس مما سبق التوافق عليه في وثيقة «اتفاق الطائف» قبْل ست وثلاثين سنة أضاع اللبنانيون ثلثيْها في مجادلات، ثم في انصهار طيف منهم في حالة كثيرة التعقيد من الولاء لدولة في الإقليم، وكانت تلك حالة غير مسبوقة في تاريخ لبنان؛ حيث إن في الدولة مسائل غير محسوم قرارها بفعل تأثير ما اصطُلح لدى أطياف سياسية وحزبية على تصنيفه دويلة؛ وذلك لأن لديها من أنواع السلاح المستحوذ في ظروف كثيرة التعقيد عاشها لبنان، ما قيل إنه أكثر فاعلية كما أكثر عدداً وعتاداً مما لدى الجيش المؤسسة الرسمية للدولة.

والقول بأنه سيكون هنالك تأكيد لما سبق أن تضمنتْه وثيقة مؤتمر الطائف، وتعضيد جوهر هذه الوثيقة،، وإضفاء مزيد من الحرص على ثباتها وبلورة بعض مضامينها في ضوء متغيرات حدثت في المنطقة على مدى 3 عقود، فلأن تلك الوثيقة لم تترك في بعض بنود أبوابها مجالاً لأي هوى في التفسير. ثم هنالك في مضمونها ما يشكّل مع الوقت ترسيخ مفاهيم كفيلة بإبراء جراح على المستوى العام بشكل خاص في ركائز صيغة التوافق التقليدي الحافظ استقرار لبنان.

وحيث إن عقدة التوافق راهناً بين الطيفين، طيف الولاء الاضطراري وشأنه السلاحي وطيف الولاء الاستنسابي وشأنه السياسي التحزبي حصراً، هي تلك المتصلة بالسلاح والميليشيات، فإن «مؤتمر الطائف» افترض وهو يوثق ما يتعلق بالسيادة أن اللبنانيين سيودِّعون ويلات الاحتراب والمظاهر المسلحة والاغتيالات والمجادلات التي تنعكس سلباً على استقرار الوطن، وسيعتبر هذا المسؤول أو ذاك بعدما حدثت القيامة الدستورية الميثاقية أن كتاب تلك المرحلة المحبَّرة بعض صفحاته بالدماء سيُطوى ليبدأ التسطير بمداد الألفة والتوافق وبناء الوطن بالتكاتف وإسقاط المحاذير.

والقول إن «وثيقة الطائف» قرأت مبكرة ما ربما يحدُث، ولقد حدث مع شديد الأسف، فإنها بهدف حسْم الأمر، وقطْع الطريق على السلاح غير النظامي وعلى التسليحيين الذين بالغوا في سخاء تقديم السلاح بمختلف الأنواع والفعاليات، ثبَّتت مفهوم بسْط السيادة على أساس (وهذا ما تم الاتفاق عليه) بنص واحد: «حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية خلال 6 أشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني، وانتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وإقرار الإصلاحات السياسية بصورة دستورية».

هذا النص كان يحتاج إلى تثبيت وتنفيذ، لكن الأمور والدور الثنائي المشترك (النظام السوري الأسدي والنظام الإيراني) كان السبب في خروج، بل إخراج النص عن مداره، ثم تتطور الأمور، وتزداد تعقيداً شهراً بعد شهر ثم سنة بعد سنة، ثم لدواعي الدور المشار إليه باتت مسألة السيادة وتخمة السلاح غير الرسمي، تنعكس ذبولاً على مضمون بنود من وثيقة تناساها البعض، ثم استعادوا التذكير بها إنما بتفسيرات غير تلك التي ترومها الدولة ومفاهيمها ودستوريتها، وهي بمثابة مبادئ عامة تضمنتْها أيضاً وثائق «اتفاق الطائف» وأكثرها تحديداً «لبنان وطن سيد حر مستقل وطن نهائي لجميع أبنائه - عربي الهوى والانتماء».

هنا وجوب الإشارة إلى أن الطيف المسلح ليس وحده الذي منذ 36 سنة هي سنوات «اتفاق الطائف» لم ولا يلتزم بما يتعلق بالبند الأساسي معتبراً أنه «مقاومة» وليس «ميليشيا» وسلاحه من أجْل لبنان وليس كورقة لتعزيز شأن الطائفة، وإنما هنالك بعض رئاسات جمهورية وحكومية تتالت واعتبرت الأمر وكأن لا «اتفاق طائف» انعقد وقرر وحسم، وتمت الموافقة دستورياً على ما تم اتخاذه، ثم إن الدور السوري في لبنان على مدى 10 سنين مثَّل سبباً رئيسياً في إخراج الهدف لـ«مؤتمر الطائف» من دواعي حرص المملكة العربية السعودية على وضْع لبنان نصب أعينها بأمل إبرائه من الذي ألحقتْه به حرب 1975. والآن وقد بات ذلك الدور رئاسات وتدخلات في الشأن اللبناني من الماضي كما بات رؤساء جمهورية وحكومات ذات هوى بتلك الحقبة في ذمة التاريخ واثنان منهما في ذمة الله، فإن قراءة جديدة مطلوبة ﻟ«اتفاق الطائف» خصوصاً أن ذلك الدور أخذ مداه إلى درجة التعاهد على مدى سنوات 4 رؤساء جمهورية تعاقبوا على الرئاسة ومعهم سائر رؤساء الحكومات، وكل رئيس حكومة يبدي من الحرص على العلاقة مع سوريا المتدخلة مثل حرص رئيس البلاد.

الآن، هنالك في ضوء ما يعيشه لبنان من جولات وصولات قوامها عبارات تقال ومظاهر غير مستحبة تحدُث وانسحاب من جلسة لمجلس الوزراء يناقش مسألة لا خيار سياسياً ولا سلاحياً له فيها، حاجة إلى محاولة لإبراء لبنان من تردي صيغته التوافقية المتراجعة. ومن هنا، فإن مبادرة لمؤتمر مصغَّر يمثل الجميع، ما داموا يعلنون على الملأ الالتزام بـ«اتفاق الطائف»، ترعاه المملكة العربية السعودية ومساندة في الوقت نفسه للمسعى الأميركي – الدولي هو الحل المنشود المأمول، وعلى أساس أن سابقة «مؤتمر الطائف» أثمرت رئاسة وتهدئة فيما الذي يرومه لبنان الشعب والصيغة والكيان من المملكة هو إخراج الوطن من حال وهدته المستعصية... وكما إخراج يوسف من الجُب، وهي من دون سائر المرجعيات الإقليمية والدولية الأكثر اقتداراً على ما نشير إليه.

 

arabstoday

GMT 05:49 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

تواصل التلوث

GMT 05:47 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

كلمات إيرانية فصيحة!

GMT 05:43 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

نتنياهو وسلاح الميليشيات المدمرة؟

GMT 05:42 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

كيف نفهم عناد «حزب الله» بشأن السلاح؟

GMT 05:40 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

التنكيل بغزة

GMT 05:39 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

«حزب الله» والجيش... رأس السكّين

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

سياسة الهروب إلى الأمام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أجْل إخراج لبنان من الجب من أجْل إخراج لبنان من الجب



أزياء كارمن سليمان أناقة معاصرة بنكهة شبابية وجرأة في اختيار الأزياء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:42 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

هزة أرضية جديدة تضرب باليك أسير التركية

GMT 05:24 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

الداخل والخارج في المسألة المصرية

GMT 04:37 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

وفاة طفل بسبب سوء التغذية في غزة

GMT 04:26 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

مروحيات إسرائيلية تحلق في أجواء القنيطرة

GMT 04:33 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

غارات إسرائيلية على مناطق واسعة في غزة

GMT 04:28 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي بحي تل الهوا

GMT 05:43 2025 الثلاثاء ,12 آب / أغسطس

نتنياهو وسلاح الميليشيات المدمرة؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab