قبل الدستور أين العقد الاجتماعي

قبل الدستور... أين العقد الاجتماعي؟

قبل الدستور... أين العقد الاجتماعي؟

 العرب اليوم -

قبل الدستور أين العقد الاجتماعي

بقلم - فهد سليمان الشقيران

 

لو تأملنا في الأحداث المتصاعدة الحاليّة، لعثرنا على نقاطٍ تشترك فيها كل الدول المنكوبة، سواءٌ لبنان أو فلسطين أو سوريا أو العراق.

من تلك النقاط إشكالية تعريف المجتمع في تلك الدول بمعناه الأعم. من السهل تعريف الطائفة أو العرق أو الجماعة، غير أن الصعوبة تكمن في العثور على تعريفٍ صارم للمجتمع، يمسك بتلابيب تعدده وتنوّعه، ويضعه على مشرحة الباحث والراصد.

إننا ومع كل الإنصات للتصريحات والمقولات والخطابات والاتهامات والدفوعات، سرعان ما يتبادر إلى أذهاننا السؤال الملغز: أين هو المجتمع؟!

من الطبيعي أن يضارع الأحداث الكبرى سيلٌ من التحديات التاريخية، لتضع المسؤولين أمام خياراتٍ حاسمة، إما أن تنجز وتقوم بالمهمة لتأمين مستقبل الدولة لمائة سنة مقبلة، وإما أن تتردد وتختار الخمول والكسل والخضوع، لتخسر الحاضر والمستقبل، وتدمّرك سكنى الماضي، وتكون أسيراً لأغلال التاريخ والحقد الموروث.

ما تشترك فيه سوريا مع لبنان من تحديات لا يتعلقّ بالدستور، ولا بضرورة إعادة بناء الدولة فقط، بل أحسب أن الحاجة باتت ملحّة لدرْس «عقد اجتماعي» متين يضمن رسم طريقة يتضابط بها الناس في إدارة علاقاتهم، فالعقد الاجتماعي يسبق الدستور، إنه بعث لروح مشتركة.

مفهوم العقد الاجتماعي جدّ بسيط، وخلاصته -كما يعبّر عن ذلك جان جاك روسو- أن «الإنسان يُولد حراً، ولكنه يُقيّد في كل مكان. العقد الاجتماعي هو اتفاق يُبرمه الأفراد للتنازل عن مصالحهم الذاتية مقابل تحقيق الصالح العام من خلال الإرادة العامة للشعب التي تسود وتكون صاحبة السيادة المطلقة والحكم. يقوم هذا النظام على فكرة أن السلطة تكمن في الشعب نفسه الذي يتنازل عن جزء من حرياته للدولة لتنظيمها وحمايتها، وأن الدولة هي وكيل للشعب لتنفيذ رغباته».

روسو يطرح شرحاً لا بد من فهمه، يقول: «الميثاق الاجتماعي ينطلق من مجرد افتراض، لا من مرحلة تاريخية معينة، وهو أن البشر في وقتٍ ما أصبحوا غير قادرين على متابعة حياتهم في الحالة الطبيعية... إن كل من رفض طاعة الإرادة العامة يرغَم عليها من طرف الجسم بأكمله، وذلك لا يعني سوى أنه يُجبَر على أن يكون حراً، لأن ذلك هو الشرط الذي يهبه كل مواطن لنفسه، لوطنٍ يضمن له أن يتخلّص من كل نوعٍ من التبعية الشخصية... إن الانتقال من الحالة الطبيعية إلى الحالة المدنية يُحدث في الإنسان تغيّراً بارزاً جداً يجعل العدالة تحلّ في تصرفه محلّ الغريزة».

تتعدد ضوابط العقد الاجتماعي بين هوبز وروسو وكانط وراولز تبعاً لظروف مجتمعاتهم، لكن المنطق الأوليّ هدفه وأساسه مترابط.

مثلاً جون راولز بوصفه أميركياً وضع ضابطه الأساسي انطلاقاً من تجربة وتحديات مجتمعه.

معيار راولز باختصار لتحقيق العدالة المنصفة، أن ينسجم الشخص ضمن حقه في النظام العام مع حريته وتساويه مع الجميع، بالاتساق مع النظام نفسه بالنسبة إلى الكل، وكذلك أن يتم إخضاع التفاوتات الاجتماعية، لترتبط بوظائف ومواقع مفتوحة بوجه الجميع، حسب الشروط المنصفة لتكافؤ الفرص. راولز صاغ معياره كالتالي: «يجب أن تكون التفاوتات للصالح الأفضل للأعضاء الأكثر حرماناً في المجتمع». راولز تميّز بهذا المعيار المعبّر والصارم.

الخلاصة؛ إن الوثب نحو صياغة عقدٍ اجتماعي يجمع روح الناس ويمدّهم بالقدرة على التعايش أولى وأسبق من تأسيسٍ مزمع، بل يجب أن يسبق صياغة الدستور. التحدّي لدى الدول التي تعيش الفوضى أو نصفها هو أن تصل إلى عقد اجتماعي راسخ يجعل صورة «المجتمع» أكثر نصاعةً، ليكون منطلق التعايش هو المجتمع، لا الجماعة، حينها نستطيع أن نفكّ لغز تعريف المجتمع الذي بدأتُ به هذه المقالة.

arabstoday

GMT 15:03 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

«حلف» الأقليات

GMT 15:02 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

حلّ «إخوان» الشام

GMT 15:01 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

بالعودة إلى الرأي العامّ الإسرائيلي...

GMT 15:00 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

سوريا و حل جماعة «الإخوان»...

GMT 15:00 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

لبنان... في ملعب برّاك وأورتاغوس

GMT 14:59 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

الفساد يهدّد طموحات أوروبا الخضراء

GMT 14:58 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

الخادم «الصغيرون»

GMT 14:57 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

خطر في الساحل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل الدستور أين العقد الاجتماعي قبل الدستور أين العقد الاجتماعي



نوال الزغبي تتألق بصيحات الموضة الحديثة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 13:31 2025 الأحد ,24 آب / أغسطس

إطلالات دينا الشربيني تلهم عشاق الموضة
 العرب اليوم - إطلالات دينا الشربيني تلهم عشاق الموضة

GMT 06:36 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

تأسيس لم يكتمل!

GMT 17:56 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

"مرسيدس بنز" تستدعي 3749 سيارة في أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab