معيار هوبز لنشوء حربٍ أهلية

معيار هوبز لنشوء حربٍ أهلية

معيار هوبز لنشوء حربٍ أهلية

 العرب اليوم -

معيار هوبز لنشوء حربٍ أهلية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

قبل أيام، عصفت المروحة السياسية الأميركية بلبنان وجيرانه، مشهدٌ سياسي صارم مصحوب بنقاشٍ محتدم، عاصفةٌ سياسية لم يهدأ غبارها حتى الآن. النقاشات القويّة بين اللبنانيين من جهةٍ واللبنانيين والأميركيين من جهةٍ أخرى كانت حامية، وما من أفقٍ واضح. وبغضّ النظر عن الاشتقاقات اللغوية في تعريف ورقة نزع السلاح، فإن بوادر تنفيذها بدأت تدريجياً.

حتى كتابة هذه المقالة، ثمة تسليم للسلاح من مخيّم البص في صور، يتبعه تسليم آخر في برج البراجنة وغيرها.

تسلّم سلاح المخيمات الفلسطينية يعني أن ثمة عزماً حكومياً بانسحاب ذلك على سلاح «حزب الله»، ولكن السؤال الأساسي: هل هذا الفضاء المحتقن سينتهي بعد موافقة الحزب على التنفيذ؟!

إن استعمال مفردة «الحرب الأهلية» من أمين عام «حزب الله» لم تكُن اعتباطية؛ بل هي العمود الفقري للممارسة الميدانية وأسّ نظري في خطابه لأتباعه.

إن فكرة الحرب الأهلية مطروحة باستمرار لدى الأحزاب الانفصالية باعتبارها عنوان بقائها الأبرز، إنها الرصاصة الأخيرة في جوف الذخيرة. ومن دون الاستعداد لمثل هذا التحدّي والتهديد، فلن نستبعد أن يصبح الناس على حدثٍ يشعل الحرب تحت شعاراتٍ عقائدية وانتقامية.

من الناحية النظريّة احتمالات الحرب الأهلية تكون عالية مع تضاؤل الدولة وتضعضعها. كل ضعف للدولة مظنة لإيقاظ النعرات والنزعات والنزوات الفردية والأقلّوية والقبلية والعرقية، هذه هي خلاصة التجربة البشرية.

يبوّب كل ذلك الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز الذي عاصر الحرب الأهليّة الإنجليزية في القرن السابع عشر، وألهمتْه في فلسفته السياسية، حيث كتب عنها مؤلفين ولعنوانيهما رمزية فلسفية، فالأول: «اللفياثان» 1651 ويرمز لحيوان بحري خرافي له رأس تنين وجسد أفعى، وقد ورد في الكتاب المقدّس. الثاني: «بَهِيمُوث» 1668 وهو اسم وحشٍ آخر من العهد القديم يظهر في سفر أيوب.

في كتابه: «اللفياثان» كتب هوبز فصلاً بعنوان: «في أسباب إضعاف الدولة أو انحلالها»، يقول: «عندما ينتصر الأعداء، بحيث تفقد قوات الدولة السيطرة الميدانية، وذلك خلال حربٍ خارجية أو داخلية، ولم تعُد نزاهة الأفراد تؤمّن حمايتهم، يؤدي ذلك إلى انحلال الدولة، حينئذٍ يصبح لكل فردٍ حق حماية نفسه عبر اختيار الأساليب الصادرة عن تقديره الخاص. في الواقع يشكّل الحاكم المطلق الروح العامة التي تمنح الحياة والحركة إلى الدولة، وبما أن الدولة أصبحت ميتةً، يعني ذلك أن أطرافها لم تعُد تحت سيطرتها». (ص: 329).

هذه الجمل المكتوبة في القرن السابع عشر تمنحنا الدرس التاريخي الذي نكتشف عبره موعد الحرب الأهلية؛ المعادلة بسيطة، كل ضعفٍ في الدولة يؤدي إلى عودة الإنسان إلى ما يسميه هوبز حالة ما قبل الطبيعة، أي ما قبل التعاقد البشري بحيث يغزو الكل الكل، ويعود الإنسان من دولته إلى ظلّه، ومن وطنه إلى غريزته وسلاحه، ومن هنا تأتي الكارثة.

كل ما يعاش الآن من صراعاتٍ آيديولوجية وطائفية سببه ضعف التأسيس لمفهوم الدولة لدى العديد من المجتمعات العربية التي تآكلت نُظُمها بسبب الفساد، واللهو بالقضايا البعيدة، والتوغّل في الآيديولوجيات البعثية والاشتراكية واليسارية، ونظريات المؤامرة، وإعلانات المقاومة. انتماءات وممارسات أرهقت المجتمعات المنكوبة، فهم بين نارين موقدتين، نار تصلى المتفائلين الذين يريدون تحقيق أحلامهم، ونار المتشائمين اليائسين الذين ينتظرون مصيرهم، إنها رحلة الـ«بيْن بيْن» المرهقة.

الخلاصة؛ أن قوّة الدولة تكمن في بسط سيطرتها، وأي تآكل لمؤسساتها يعني اشتعال المجال العام، وتفسّخ المجتمع وعودته إلى غرائزيته ووحشيته، هكذا علّمتنا التجربة البشرية.

النقطة التي أختم بها أن الحزب حتى لو سلّم سلاحه يبرز سؤالٌ أساسي: من سينزع أفكاره؟!

إنها رحلة طويلة من أجل تجاوز كل هذا الهشيم، وإعمار ما سببتْه الأفكار الانتحارية من قتلٍ وتهجيرٍ وخراب.

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معيار هوبز لنشوء حربٍ أهلية معيار هوبز لنشوء حربٍ أهلية



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
 العرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab