الإرهاب والاستثمار بدورات التاريخ

الإرهاب والاستثمار بدورات التاريخ

الإرهاب والاستثمار بدورات التاريخ

 العرب اليوم -

الإرهاب والاستثمار بدورات التاريخ

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لم تكن الظواهر منفصلةً عن تاريخها، وكل تحليلٍ لها من دون وضع البعد التاريخي في الحسبان يُعدّ ناقصاً.

ومن ذلك، الظاهرة الإرهابية التي أخذت أطوارها عبر التاريخ. ولكل دورة ظهورٍ إرهابية تصحب معها ترسانة من المفاهيم، وحمولة من التجارب، وسيلاً من الفتاوى والمتون.

ظاهرة الإرهاب في التاريخ تمّ درْسها منذ العصور الأولى عبر الانشقاقات السياسية وتأسيس التنظيمات المارقة عن نظام الدولة، وصولاً إلى «الحشاشين»، وإلى إرهاب ما بعد القرن العشرين وبمفهومه الحاليّ الذي نعاصره اليوم.

مع كل تغيير معيّن ثمة من يتحدّث عن نهاية الإرهاب، وكأن هذه الظاهرة مجرّد تظاهرة عمالية، أو مسيرة طلابية، فيما الإرهاب عالم من التطرف المؤسس بكتبه وفتاويه وجيوشه وميليشياته وبداعميه في السر والعلن، وبأفكاره التي تُمرر في شتى المنصّات من الدروس والمنابر إلى التطبيقات السوشيالية والألعاب الإلكترونية، إنها شبكة منظمة عابرة للقارات والحدود.

قبل أيام حذّر وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من قدرة تنظيم «داعش» على مواصلة أنشطته وتكييف أسلوب عمله، على الرغم من الجهود الدؤوبة لمكافحة الإرهاب التي تبذلها الدول الأعضاء والشركاء الدوليون والإقليميون. المسؤول الأممي فلاديمير فورونكوف يعدّ أن الأوضاع المتقلبة تُعين الإرهابيين على تمددهم ونفوذهم.

السؤال الأساسي: لماذا نقول إن الإرهاب قد ينتعش في أي لحظة؟! أجيب بالآتي:

أولاً: الظاهرة الإرهابية تستثمر في الأفكار الأصولية، فهي مشحونة بالمشاعر الغاضبة المحتقنة، ومتربيةٌ على عداء المجتمع والدولة، وعليه فإن هذه الطاقة التي تختزنها باستعمال الدين لأغراض التجنيد أخطر سلاحٍ تمتلكه ضدنا، إنه أخطر من السلاح المادي. التجنيد يتم عبر حشدٍ من أناشيد ومفاهيم وعناوين واستعمال قضايا المسلمين وتشويه صورة الحكام والتحريض على المسؤولين.

ثانياً: إن نهاية أي ظاهرة ذات ارتباط ديني واجتماعي تُعدّ مستحيلة نظرياً، لكن يمكن بالتأكيد سحق أسسها، وضرب فتاويها، وملاحقة قادتها ومجنديها، يمكن أن يتم ضرب أصولها المالية، واستهداف مواقعها العسكرية، وإعادتها نصف قرنٍ إلى الوراء، ولكن يجب أن نكون يقظين بالتزامن مع هذا السحق لتلك المجاميع من أساليب التجنيد الجديدة، فهم حين يتم ضربهم يتجهون من حالة الظهور إلى استراتيجية الكُمون، مبتعدين حتى عن أشكالهم وأزيائهم المعتادة، وهذا من الضروري الانتباه إليه.

ثالثاً: إن مجتمعاتنا بطبعها عاطفية ومحبةٌ للتعلّم والتزوّد من المعارف، وعبر تاريخ التنظيمات الإرهابية فإنها ترى في مؤسسات التعليم كنزاً ثميناً للتجنيد، وحين تضعف أذرعها في بعض المجالات تتجه نحو المدارس والجامعات، حيث غرس بعض الطلبة الذين يجنّدون، أو يُقنعون، أو ينشرون مطوياتٍ أو أوراقاً أو كتيبات. وعي الحكومات بهذا الموضوع صار عالياً، وهذا مطمئن للغاية.

الفكرة أن الإرهابيين لهم سبل المخاتلة والمناورة، ويريدون أن يقبضوا على أي مجالٍ مؤثر. الإرهابي يأخذ رصيده وتقديره من زعيمه حين يجلب معه أكبر عددٍ ممكن من المنضوين، ولذلك يجد في زمالاته العلمية أو العملية فرصةً مواتيةً للنقاش وتوزيع الأوراق وطرح الفتاوى المضللة.

الخلاصة؛ إن التحذير الأممي من عودة خطر الإرهاب متوقع، فالإرهاب له دوراته على رأس كل عقدٍ تقريباً، حيث يكمن قليلاً وينشط كثيراً. علينا بوصفنا مؤسسات عملٍ وتعليم العمل على تحصين الأجيال الصاعدة التي لا تعرف جيداً معنى الإرهاب من هذا التهديد الداهم والمقلق.

arabstoday

GMT 08:47 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

لا فوضى في النضال

GMT 08:43 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

كيف للجنوب اليمني أن ينفصل؟

GMT 08:14 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

وقت الحِكمة اليمانية

GMT 08:08 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

القضايا العربيّة ونهاية العلاج الأوحد المزعوم

GMT 08:06 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

«أرض العرب» في «عصر نتنياهو»!

GMT 08:01 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

العام 2025... رغم أهواله لكنَّه أبو الذكاء الاصطناعي

GMT 07:56 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

حكومة ستارمر والسلطة الرابعة

GMT 07:54 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

الهزيمة حين تنتحل النصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب والاستثمار بدورات التاريخ الإرهاب والاستثمار بدورات التاريخ



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 19:30 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

البرهان يؤكد أن لا هدنة في السودان بوجود الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد أن لا هدنة في السودان بوجود الدعم السريع

GMT 08:44 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أرسنال يخشى فقدان صدارة الدوري الإنكليزي أمام برايتون

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 14:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

17 مليون معتمر من الخارج يؤدون العمرة في جمادى الآخرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab