مفاهيم فلسفية وتحديات سياسية

مفاهيم فلسفية وتحديات سياسية

مفاهيم فلسفية وتحديات سياسية

 العرب اليوم -

مفاهيم فلسفية وتحديات سياسية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

مع تشظّي الأحداث المرعبة؛ وحمولة التحديات الهائلة على المستويين التحليلي العلمي، أو الصحافي اليومي، لا بد من محض الحدث وعرضه على المفاهيم الفلسفية العتيدة.

وما كانت السياسة يوماً منشقةً عن الفلسفةِ، بل إن العدّة المفهومية الأساسية للسياسة بكليّتها وجذعها الأساسي ذات طابعٍ فلسفي. وآية ذلك أننا لو قرأنا سير كبار السياسيين عبر التاريخ لعثرنا على تأثرهم بمفهومٍ معيّن، أو فيلسوف كبير. وأمثّل هنا بهنري كيسنجر الذي سلبته نظرية توماس هوبز حول حالة الطبيعة. أو حين استقى فرانسيس فوكوياما نظريته المطوّرة التي أثرت على المسار الليبرالي السياسي العالمي من نظريات هيغل، وفاتيمو.

واليوم يعود الحديث مع هذه الموجة السياسية المتصاعدة الغامضة عن بعض الفلاسفة الكبار في القرن العشرين. ومن أولئك الفيلسوف الفرنسي المهم جيل دلوز؛ والذي طرح نظريات عديدة، وعتيدة، وعلى قلة كتبه، فإنها إلى الآن تؤثر على الباحثين في المجالات كافة حتى اليوم.

ببساطة، يمثل مفهوم جيل دلوز (الاختلاف والتكرار - Différence et repetition) الذي خصّص له كتاباً كاملاً، أساس فلسفته، وميزة فلسفة دلوز في المفاهيم المرصّعة بسمائها. فهو من عرّف الفلسفة بأنها: «صناعة المفاهيم»، ولذلك كلما خطوت في كتاباته تبدّت لك مفاهيم خلاقة خارقة تحفر معارضةً الكلاسيكيات الفلسفية السابقة. بل استطاع من خلال قراءاته للفلاسفة، مثل هيوم وكانط ونيتشه وفوكو، أن يقترح مفاهيمه هو داخل فلسفاتهم هم، وهذا واضح -إلى حدٍّ كبير- لمن قرأ كتابه عن «نيتشه»، وهو الشرح الأهم لها من بعد قراءة هيدغر لها. و«الاختلاف والتكرار» مفهوم يأتي ضمن معاداةٍ متأصلة للأسس، التي يمثلها قديماً أفلاطون، وحديثاً كانط.

قبل أيام اطلعت على حوارٍ مع جيل دلوز أداره جانات كولومبال، بترجمةٍ من عبد الوهاب البراهمي، ونشر في مجلة «حكمة» الفلسفية.

حين طرح السؤال التالي على دلوز: هل تستقيم المقارنة دائماً؟ أم أن دور الفلسفة مختلف؟ هل هو «هذا الإلصاق» collage الذي ترجوه والذي يعيد تجديد المشهد أو أيضاً «الاقتباس» المدمج في النصّ؟

أجاب: «نعم»، للفلاسفة غالباً مشكل عويص مع تاريخ الفلسفة. تاريخ الفلسفة مرعب، لن ننفذ منه بسهولة. فاستبدال عملية إخراج به -كما قلت-، هو ربما طريقة حسنة لحلّ المشكل. فالإخراج يعني أنّ النص المكتوب ستقع إنارته بقيم أخرى، بقيم غير نصيّة (أو على الأقلّ في معنى مألوف): الاستعاضة عن تاريخ الفلسفة بمسرح للفلسفة أمر ممكن. تقول إنني بحثتُ، فيما يخصّ الاختلاف، عن تقنية أخرى، أقرب لعملية «الإلصاق» منها إلى المسرح. ضرب من تقنية الإلصاق أو حتى خلق مسلسل للعباقرة (مع تكرار بشيء من الاختلاف) مثلما نرى في «الفنّ الشعبي أو الجماهيري» (بوب آرت). لكن تقول بانّي في هذه النقطة: لم أنجح تماماً. أعتقد أنني أذهب أبعد من ذلك في كتابي عن «منطق الحسّ».

الخلاصة؛ إن نظريّة جيل دلوز حيويّة وليست وقتية، وحين نحللها نعلم أن التاريخ لا يعيد نفسه، وإنما البشر لم ينجح معظمهم في الاعتبار من دروس التاريخ. نعم ثمة اختلاف أممي وعرقي وديني، ولكن هذا لا ينفي أو يتعارض مع كنه الوجود المعتمد بالأساس على التمايز والتعايش بين البشر، ولكن حين يفتقر البعض للبصيرة والعلم يتجه نحو الثرثرة والإنشاء، ومن بعدها ممارسة العنف والاستئصال.

arabstoday

GMT 02:53 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

جنازات تاريخية

GMT 02:51 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

زمن الفن والكورة

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاهيم فلسفية وتحديات سياسية مفاهيم فلسفية وتحديات سياسية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 07:03 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

غارات إسرائيلية تستهدف مخيمات وسط غزة

GMT 07:17 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab