«أوراقي 12» عندما قال القاضي المتهم اسمه بليغ حمدي

«أوراقي 12».. عندما قال القاضي المتهم اسمه بليغ حمدي!

«أوراقي 12».. عندما قال القاضي المتهم اسمه بليغ حمدي!

 العرب اليوم -

«أوراقي 12» عندما قال القاضي المتهم اسمه بليغ حمدي

بقلم : طارق الشناوي

أتذكر جيدا هذا اليوم من عام ١٩٨٥، ذهبت مبكرا للمحكمة لحضور جلسة المرافعة والتى تواجد فيها بليغ حمدى، ليس باعتباره الموسيقار الكبير، ولكن المتهم بأسوأ جريمة.. كان المحامى الكبير محمود لطفى، المستشار القانونى لجمعية المؤلفين والملحنين، يتولى الدفاع عن بليغ، وأخذ يعدد أمام القاضى ألحانه الوطنية التى قدمها للوطن (عدى الرهان) و(فدائى) و( يا حبيبتى يامصر ) وغيرها، وأضاف فى نهاية المرافعة أن بليغ كما قال عنه كل من الشاعر الكبير كامل الشناوى والمطرب عبد الحليم حافظ ( أمل مصر فى الموسيقى)، وهنا انتفض القاضى قائلا: ( المتهم اسمه بليغ حمدى ).

الحكاية تعود إلى عام ١٩٨٤ عندما استيقظ المصريون على خبر انتحار سميرة مليان من شرفة شقة بليغ حمدى.

فى تلك الليلة المشؤومة تواجد فى السهرة الإذاعى القدير كامل البيطار والكاتب الساخر بهجت قمر، وهما من أصدقاء بليغ المقربين.. تعامل البعض مع الحكاية باعتبارها نكتة، وهكذا مثلا قال بهجت قمر ساخرا: ( بعد كده الواحد يسكن فى الدور الأول عشان لو حاول أحدهم أو إحداهن قرر الانتحار بإلقاء نفسه، سيتماثل للشفاء فى أيام).

من الواضح أن هناك من أخبر بليغ بأن حكما بالسجن سيصدر ضده، حيث كان الاتهام ( تسهيل الدعارة )، بليغ تعود أن يذهب إلى حجرة نومه عندما يعن له ذلك، وكل من أصدقائه يكمل السهرة، يتعاملون باعتبارهم فى بيتهم، حتى حدثت تلك الواقعة، وسافر إلى باريس نحو ٥ سنوات، تدخل الرئيس الأسبق حسنى مبارك ١٩٩٠، وتم التواصل مع بليغ للعودة للقاهرة وحذف اسمه من قائمة ترقب وصول، وأمضى الليلة فى بيته، ثم ذهب صباح اليوم التالى لمحكمة النقض التى أبرأت ساحته تماما.

ولم يستطع الصمود بعدها أكثر من ثلاث سنوات، ورحل بعد صراع مع المرض، حيث كان يعانى من تردٍّ فى وظائف الكبد.

فى الغربة، هناك من باع بليغ.. أتذكر ماكيير شهير منحه بليغ خطابات لكى يرسلها لبعض الأصدقاء مثل محمد الموجى وسيد مكاوى وسعد الدين وهبة وغيرهم للتواصل مع المسؤولين من أجل ضمان عودته لمصر دون معوقات قانونية، الغريب أن الماكيير نشر قبل سنوات تلك الحكايات بخط بليغ، وهذا يعنى إما انها لم تصل لمن يعنيهم الأمر، أو أنه فتح الخطابات خلسة وصورها ثم أعادها وأرسلها لمن أراد لهم بليغ فقط قراءة الرسالة.

أكثر من ذلك أحد الأصدقاء، وكان راقصا فى فرقة استعراضية قبل أن يهاجر إلى فرنسا، باح باسم الأديبة السورية غادة السمان التى هام بليغ بحبها وأطلع الصديق على مشاعره وخطاباته لها، وبعد رحيل بليغ أعاد أيضا نشرها، وهكذا باع صديقه.

قالت الأوراق الرسمية وعلى مدى تجاوز نصف قرن إنه الأول، أما على مستوى الإبداع فانه واحد من أروع من رشقت أنغامهم فى قلوبنا، منذ منتصف الخمسينيات القرن الماضى وحتى الآن، وكأنها نسيم الروح، حيث لا تزال أنغامه تؤكد أنه حى يرزق.

يقولون ( عدوك ابن كارك ) ربما لديكم أكثر من واقعة تدلل على ذلك، ولكن ما رأيكم أنه من خلال خبرتى فى الحياة الفنية والثقافية أستطيع أن ألمح وجها آخر.

أصدق من يعرف قدر الفنان هو أيضا (ابن كاره)، وإليكم الموسيقار كمال الطويل عندما طلبت شهادته عن بليغ، قال لى (أننا كموسيقيين كنا كثيراً ما نتوقف مشدوهين أمام ما يبدعه، نسأل كيف فكر فى هذه الجملة اللحنية، كيف جاءه هذا الخاطر المجنون، بليغ لديه دائما ومضاته الخاصة جدا التى تثير دهشتنا)، الشاعر مأمون الشناوى قال لى (كل من لحن لأم كلثوم بعد العمالقة القصبجى وزكريا والسنباطى لم يفعلوا أكثر من أنهم فقط من الداخل أعادوا ترتيب قصر أم كلثوم، أما بليغ فلقد قام ببناء قصر جديد لصوتها).

بليغ لم يكن مجرد مبدع استثنائى، ولكن فى شخصيته سر وسحر خاص، ولهذا صارت حياته ملهمة لأكثر من عمل سينمائى، ثلاثة أفلام تسجيلية، كما سبق وأن استوحى المخرج السورى الراحل عبد اللطيف عبد الحميد حياة بليغ بعد رحيله بعام واحد فى فيلم روائى طويل (نسيم الروح)، بينما الفيلم الردىء الذى أراد النيل منه ( موت سميرة ) تبرأ منه الجميع، وكل الفضائيات العربية اتفقت على رفعه من خريطتها.

بليغ حمدى بالورقة والقلم والوجدان هو حقا (نسيم الروح)!.

arabstoday

GMT 14:00 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإخوان بين البراجماتية الأمريكية والميوعة الأوروبية

GMT 13:57 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتخب مصر بطل دورة سوريا

GMT 13:56 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا لا ترد حماس وحزب الله على العدوان؟!

GMT 13:54 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أصل القصة في لبنان

GMT 13:52 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الضرائب الحل السهل

GMT 13:32 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ضاحية لاس فيجاس!

GMT 13:30 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

بليغ حمدى .. حين يسبق الإبداع الزمن

GMT 10:40 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أندهشُ... حين لا أندهشُ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أوراقي 12» عندما قال القاضي المتهم اسمه بليغ حمدي «أوراقي 12» عندما قال القاضي المتهم اسمه بليغ حمدي



الثقة والقوة شعار نساء العائلة الملكية الأردنية في إطلالاتهن بدرجات الأزرق

عمّان - العرب اليوم

GMT 05:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر
 العرب اليوم - وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 08:59 2025 الجمعة ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تفرج عن مراهق فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية
 العرب اليوم - إسرائيل تفرج عن مراهق فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية

GMT 12:38 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سقف النجاح منخفض.. جدًا

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة قصيرة في عقل «حزب الله»

GMT 16:46 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"10 أطعمة يفضل تناولها يومياً إذا كنت تريد العيش حتى المائة"

GMT 05:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 05:53 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 18:44 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

منصة ماسك تعيد صياغة الوقائع وتتهم ويكيبيديا بالانحياز

GMT 09:50 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

شهيد في الضفة والاحتلال يواصل عمليته العسكرية في طوباس

GMT 07:55 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الأوقات لتناول الزبادي لدعم صحة الأمعاء بشكل طبيعي

GMT 12:27 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي سيستبدل أكثر من عُشر العاملين الأميركيين

GMT 14:09 2025 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

شهادة «الموساد» النادرة لمصر

GMT 06:07 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab