بقلم : طارق الشناوي
كعادة إسرائيل قررت ألا تتوقف عن الاغتصاب والسرقة وهكذا سوف يحتفلون باليوبيل الذهبى (خمسين عامًا) على رحيل كوكب الشرق، ولم تكن المرة الأولى، تعددت السرقات الموسيقية عبر الزمن من أم كلثوم وغيرها، وبين الحين والآخر يقيمون حفلات لأم كلثوم.
تاريخيا، وفى الثلاثينيات غنت (ثومة) فى مدينة (حيفا) وهى تحت العلم الفلسطينى، إحساس (ثومة) الوطنى يسبقها دائمًا، إلا أنها منذ اغتصاب الأرض ١٩٤٨ قررت أن يصبح صوتها أحد أسلحة المقاومة، إسرائيل لم تكف عن الشعبطة فى اسم أم كلثوم، قبل نحو خمس سنوات أطلقوا على أحد شوارع (حيفا) الرئيسية اسم (الست).
فى مصر والعالم العربى رفضوا المبدأ، بينما فى إسرائيل بعضهم غاضبون لأن أم كلثوم، كانت واحدة من أهم أسلحة القوة الناعمة للتصدى لإسرائيل فى حرب ٥٦ المعروف بـ(العدوان الثلاثى)، شاركت إسرائيل كلا من فرنسا وبريطانيا بالهجوم على مصر، غنت أم كلثوم بشعر صلاح جاهين وتلحين كمال الطويل، (والله زمان يا سلاحى)، وفى أعقاب هزيمة ٦٧ غنت من شعر نزار قبانى وتلحين محمد عبدالوهاب (أصبح عندى الآن بندقية)، وتعددت أغانيها مثل (إنا فدائيون) و(ثوار ثوار) وغيرها.
انتصر الصوت المؤيد لإطلاق اسم (كوكب الشرق) على الشارع الإسرائيلى، قبل نحو ١٥ عامًا فى مدينة (القدس)، أطلقوا اسمها أيضا على أحد شوارع مدينة (السلام)، واحتفلوا رسميًا بتدشين الشارع المكتوب بالعربية والعبرية، وقدمت مطربة إسرائيلية (إنت عمرى) بمصاحبة فرقة موسيقية على الهواء.
إسرائيل تقدم يوميًا عبر الإذاعة والتليفزيون أغنيات أم كلثوم، وأحيانا يستعيدون الموسيقى مع وضع كلمات عبرية، ليست فقط أم كلثوم، فهذا يحدث أيضًا مع فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفيروز وأحمد عدوية وغيرهم. قبل نحو ٢٠ عاما حاولوا التواصل مع شاعر (إنت عمرى) أحمد شفيق كامل، للحصول على موافقته لترجمة تلك الأغنية بالعبرية، وطلبوا منه كتابة الرقم الذى يريده، ويومها قال للشاعر عمر بطيشة والذى كان يشغل موقع رئيس جمعية المؤلفين والملحنين: (يغوروا همه وفلوسهم).
مصر وإسرائيل منذ مطلع الستينيات أعضاء فى جمعية المؤلفين والملحنين الرئيسية ومقرها باريس، لأننا نخضع لاتفاقية عالمية لحماية الملكية الفكرية، من المستحيل تغيير شروطها، ولكن لا يوجد تعامل مباشر فى هذا الشأن مع جمعية المؤلفين والملحنين الإسرائيلية.
الغاضبون فى إسرائيل من تكريم (الست) يقولون إنها كانت تحث الجنود على ضرب إسرائيل فكيف نكرمها؟ بينما المؤيدون خاصة من أصحاب الجذور العربية، يبدو أن (جينات) حب صوت أم كلثوم عابرة بطبعها للأجيال ولهذا فهم سعداء بهذا القرار. سألوا ورثة أم كلثوم عن رأيهم فلم يعقبوا، لا ذو بالصمت، ماذا لو كانوا قد سألوا أم كلثوم، هل تخيلت يومًا (كوكب الشرق) مثلا أن يوجد لها شارعان فى إسرائيل يحملان اسمها، وهناك ثالث فى الطريق، ويحتفلون أيضا هذه الأيام باليوبيل الذهبى؟.
أم كلثوم التى تباهت حتى اللحظات الأخيرة من حياتها بكونها الفلاحة البسيطة ابنة قرية (طماى الزهايرة)، وعندما سألوها قبل حفلها فى باريس أكتوبر ١٩٦٧ بعد أشهر قليلة من الهزيمة هل أنت سياسية؟. أجابتهم أنا مجرد مواطنة مصرية اعبر عن أفكارى وأحاسيسى، ستظل (ثومة) بعد مرور كل هذه العقود من الزمان هى صوتنا وفخرنا فى الدنيا كلها، لو سألوها ستقول لهم بصوتها الذى تحول إلى طلقات رصاص تخترقهم (إنا فداييون/ نفنى ولا نهون/ إنا لمنتصرون)!!.