«السوشيال ميديا» معصوبة العينين

«السوشيال ميديا»... معصوبة العينين

«السوشيال ميديا»... معصوبة العينين

 العرب اليوم -

«السوشيال ميديا» معصوبة العينين

بقلم: طارق الشناوي

أتابع عبر «النت» حالة من الاستنفار لفيلم أو مسلسل أو مسرحية لمجرد أن العنوان يحمل إيحاءً بأنه ضد ما توافقنا عليه من قناعات. آخر هذه السلسلة الممتدة من الأحكام المسبقة فيلم «الملحد»، لم يشاهده أحد - حتى كتابة هذه السطور - غير جهاز الرقابة المصرية التي وافقت على تداوله. كل من يعرف القواعد الرقابية المعمول بها في مصر، وأيضاً في العديد من الدول العربية، يدرك تماماً أنه من المستحيل السماح بعرض عمل فني يتعارض مع الأديان، كالعادة أخذنا كلمة عابرة من «البرومو»، وبدأت المطالبة بالمصادرة ثم انتقلت درجة أعلى للمطالبة بمقاطعة كل من شارك بالفيلم، واعتبروا أن أي ممثل وافق على أداء دوره هو عدو للإسلام، وأنه واحد من أفراد كتيبة المؤامرة الكونية التي يروج البعض لها في العديد من أجهزة الإعلام، على اعتبار أن الإسلام مستهدف في العالم، وننسى أن أغلب ما نراه عبر «الميديا» من ممارسات لجماعات متطرفة تعلن اعتناقها للإسلام هو الذي يلعب الدور الأكبر في النيل من الإسلام، وأننا لم نبذل أي جهد لتصحيح تلك الصورة.

أغلب الزملاء الذين يتواصلون معي من المنصات والفضائيات ويسألونني لكي أدلي برأيي عن الفيلم، يريدون سماع الإجابة التي يعتنقها معظمهم، وهي أن الفيلم يحمل إساءة للدين لمجرد أنه يناقش قضية الإلحاد؟

صار ما كنا نناقشه ببساطة قبل نحو قرن من الزمان مستحيلاً الاقتراب منه الآن.

أصدر مثلاً الكاتب إسماعيل أدهم عام 1937 كتاباً عنوانه «لماذا أنا ملحد؟»، رداً على محاضرة ألقاها الشاعر أحمد زكي أبو شادي مؤسس جماعة «أبولو» الشعرية الرومانسية الذي أكد فيها سر إيمانه بالألوهية، بعدها تم الرد على ولي الدين بكتاب عنوانه «لماذا أنا مؤمن»، ونقطة ومن أول السطر، والنتيجة أن الناس انحازت بعد هذا النقاش إلى الإيمان. ليست تلك هي «أم المشاكل»، ولكن في مثل هذه القضايا قطاع وافر ممن نطلق عليهم «النخبة»، رغم اعتراضي على هذا التوصيف، الذي يحمل تعالياً، بعض هؤلاء النخبويين يجدونها فرصة لتصفية الحسابات مع منافسيهم، يكتب أحدهم مثلاً كيف في بلد الأزهر الشريف يسمح بهذا الهراء، ولم يقل لنا أبداً كيف أيقن أن هذا هراء؟

أسوأ ما في هذه الحكاية المتكررة بتنويعات أخرى أن رواد «السوشيال ميديا»، أتحدث عن القطاع الأعلى صوتاً، وهو في العادة أكثر صخباً، لأنه يهتك الأعراض الشخصية والوطنية ببساطة مع من يخالفه الرأي، يمارسون هذه الموبقات الأخلاقية، بينما يرفعون في اللحظة نفسها، شعار الحفاظ على القيم الحميدة، تابع ردود الفعل، سوف تكتشف أنه كلما كان «البوست» يحمل تجاوزاً وجد من يتابعه محققاً «التريند»، فتش عن المثقفين، سوف تكتشف أنه قابعون في الخلف وبخيوط أشبه بتحريك عرائس «الماريونيت» يوجهون بطريقة غير مباشرة تلك الجوقة من معصوبي العينين، الذين صدقوا أن هناك هجمة مدبرة للنيل من الإسلام.

الخطر الذي يداهمنا أن هناك من يعتبر «السوشيال ميديا» معادلاً موضوعياً للرأي العام، وهي أبداً ليست كذلك، لا يعني ذلك أن نتجاهل وجودها أو تأثيرها، ولكن نضعها في سياقها الحقيقي، هي تعبر عن رأي بطبعه «زجزاجي» ومتغير، يعلو ويهبط في لحظات بلا أسباب موضوعية.

هذه الأصوات الزاعقة الدموية سلاح أسود أصبح البعض منا يمارسه ببساطة وأريحية وكأنه يلقي علينا تحية الصباح!

 

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السوشيال ميديا» معصوبة العينين «السوشيال ميديا» معصوبة العينين



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان
 العرب اليوم - أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي
 العرب اليوم - جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 01:07 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 04:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يتسلم جثة رهينة جديد من قطاع غزة

GMT 14:40 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"غوغل" تتطلع للفضاء لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي

GMT 05:52 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

انقطاع الكهرباء في أوكرانيا بعد هجوم روسي

GMT 14:34 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

5 أطعمة ومشروبات تجنبها مع البيض

GMT 05:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 4 أشخاص في تحطم طائرة بروسيا

GMT 11:54 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تحسم الجدل حول فيديو الاعتداء على مواطن في الحرم المكي

GMT 05:45 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب إقليم بلوشستان دون أنباء عن خسائر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab