بقلم : طارق الشناوي
حرصت أمس الأول على زيارة الجناح المصرى فى (كان) بعد أن صار لنا علم يُرفع على شاطئ (الريفييرا)، غبنا عن هذا المشهد 10 سنوات، والمأزق الأكبر ليس فى الغياب ولكن فى الاستسلام، وكأنه قدر لا مفر منه.
الجناح يحتاج إلى ميزانية كما علمت ٣٦ ألف يورو، وهو يحتل مساحة متوسطة، وأعتقد أن الأجنحة الأكبر يُرصد لها ضعف هذا الرقم، احسبها أنت بالجنيه المصرى، ستكتشف أننا نتحدث عن ملايين، وهكذا جاءت الشراكة الثلاثية بين مهرجانى (القاهرة) و(الجونة) وأيضًا (مدينة الإنتاج الإعلامى)، من خلال لجنة (مصر للأفلام) التى يقودها أحمد بدوى، تلعب هذه اللجنة دورًا حيويًا من أجل أن تعود مجددًا مصر للصدارة كموقع جاذب لتصوير الأفلام الأجنبية، بعد أن عشنا عقودًا من الزمان ابتعدت فيها الشركات الأجنبية الكبرى، ومع سبق الإصرار، عن التصوير فى مصر، حتى لو كانت الآثار المصرية ونهر النيل جزءًا هامًا وحتميًا فى السيناريو، أصبحوا يفضلون التصوير فى عدد من الدول العربية، وعلى رأسها المغرب، التى تقدم لهم كل شىء حتى الهرم والآثار الفرعونية والمعابد نجحوا فى استنساخها، كما أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية نجحتا خلال تلك السنوات فى تذليل كل الصعاب للتصوير، بل وهناك خدمات (لوجستية) صارت تُقدم بلا مقابل مما يدفع بمزيد من الترويج السياحى، فهى مقايضة مقبولة للطرفين.
سمعنا كثيرًا قبل عشر سنوات عن نظام الشباك الواحد، الذى يعنى أن تتقدم شركة الإنتاج السينمائية العالمية لجهة واحدة وتحصل على التصريح بالتصوير بعد ٧٢ ساعة فقط، وهو ما أصبح متعارفًا عليه حاليًا، الشباك يرسل السيناريو لكل الجهات المعنية ويحصل على ضوء أخضر بالتصوير، بعيدًا عن التعقيدات الروتينية، والتى كان بعضها مثيرًا للضحك، مثل إحدى الشركات الإيطالية عندما قررت مطلع الألفية التصوير فى مصر، وكان ينبغى اصطحاب دولارات مزورة طبقًا للحبكة الدرامية تمت مصادرتها فى المطار وتقديم فريق العمل للتحقيق، وبعد إثبات البراءة والإفراج عنهم اضطروا إلى طبع أموال أخرى مزورة، وعند العودة تعرضوا مجددًا للتحقيق، لأنهم ضُبطوا مجددًا فى حوزتهم تلك الدولارات، هذه القصة رواها لى رئيس غرفة صناعة السينما الأسبق منيب شافعى، الذى تدخل فى النهاية للإفراج عنهم، ولكن كان الخبر قد انتشر عالميًا.
السينما المصرية صاحبة مصلحة فى تصوير الأفلام الأجنبية، يعمل الكومبارس وكذلك عدد من الممثلين المساعدين، بالإضافة إلى أنه يتم تفعيل بروتوكول يتيح لطلبة معاهد السينما والمسرح العمل فى هذه الأفلام، أو التواجد كحد أدنى أثناء التنفيذ، مما يؤدى إلى زيادة الخبرة العملية لهم.
فى الندوة الأولى تم التأكيد على أن نحو ٧٠ فيلمًا عالميًا صُورت فى مصر بدون أى تعقيدات، وتستطيع اللجنة أيضًا إعادة ٣٠ فى المائة من تكاليف الإنتاج للشركة العالمية بعد نهاية التصوير، وذلك لتشجيعها على إعادة التجربة مجددًا، وفى الندوة التى أدارتها المخرجة ماريان خورى، المديرة الفنية لمهرجان (الجونة)، أشار رئيس لجنة الأفلام إلى أنها تتبع مباشرة مجلس الوزراء، وأن الأيام القادمة ستشهد إقبالًا أكبر من الشركات الأجنبية.
ويبقى الدرس، وهو أن مصر بالتعاون والشراكة بين أكثر من جهة تمكنت من التواجد بجناح يقدم نشاطًا مؤثرًا على كل المستويات، كما أن (مركز السينما العربية)، الذى يقوده باقتدار الباحث السينمائى علاء كركوتى، يقدم ندوات عن السينما العربية، بدأها أمس، وشارك فيها حسين فهمى ويسرا، تناولت الفيلم المصرى ولماذا صار هو الأكثر تداولًا فى العالم العربى؟، وبعدها أقيم حفل لتكريم فاطمة الرميحى، رئيسة مؤسسة الدوحة للأفلام، على مجهودها، والترحيب بعودة مهرجان الدوحة هذا العام.
بجوار الجناح المصرى تواجدت أجنحة للسينما التونسية والفلسطينية والعراقية بنشاط ملحوظ، وتؤكد أن (كان) يتكلم عربى، حيث شاركنا كسينما عربية فى كل الأقسام، ولن نكتفى كعرب فقط بعد الآن بالتمثيل المشرف!!.