إدارة «المستبد العادل»

إدارة «المستبد العادل»

إدارة «المستبد العادل»

 العرب اليوم -

إدارة «المستبد العادل»

بقلم - د. محمود خليل

تولى الدكتور هاشم فؤاد عمادة كلية طب قصر العينى لثلاث مدد متتالية، خلال الفترة من 1979-1987. طبعاً كانت العمادة بالانتخابات خلال هذه الفترة ولم تكن بالتعيين، وبالتالى اختار أساتذة كلية الطب رجلهم الذى يقود «قصر العينى»، ذلك المبنى الذى كان يمثل فى ذلك الوقت ما يمكن وصفه بـ«مؤسسة خارج السيطرة»، والمتتبع لأسلوب إدارة هاشم فؤاد لكلية الطب، حين كان عميداً لها، وما اقترن بذلك من حكايات يرددها من عاصروا التجربة، قد يستغرب كيف كان يختار أساتذة الطب شخصية بهذا الأداء الحاسم الصارم فى قيادتهم، وللعلم كان هاشم فؤاد عميداً فى وقت كانت الكلية تحتشد فيه بالعديد من الأسماء الكبيرة واللامعة فى تخصصات الطب المختلفة.

يستغرب المتابع حين يعلم أن الأساتذة اختاروا للعمادة شخصية كانت تذهب إلى الكلية فى السابعة صباحاً، وتبدأ فى التفتيش فى كل الأماكن، وتعاقب بداية على أى إهمال تلحظه من جانب العمال والموظفين، بدءاً من الملاحظات الخاصة بالنظافة، وانتهاءً بالملاحظات المتعلقة بالالتزام الوظيفى، وفى الثامنة يبدأ «فؤاد» فى التجول بين المدرجات للتأكد من انتظام المحاضرة الأولى فى كل الفرق الدراسية، ثم ينتقل إلى التجول بين أروقة الكلية، يذهب إلى الكافيتريات، وإذا وجد طالباً ترك المحاضرة إلى الكافيتريا يسحب الكارنيه الدراسى الخاص به، ويعاقبه تأديبياً إذا تكرر الفعل، كان يتدخل مباشرة بإلغاء المحاضرة التى يتأخر عنها الدكتور، ويتبع أسلوباً ممنهجاً ليضمن انضباط المحاضرات، فكان يكلف بالاتصال ليلة المحاضرة بكل أستاذ ليذكره بموعد محاضرته فى الغد. إجراءات أخرى عديدة كان يتخذها الدكتور هاشم فؤاد لضبط سير العملية التعليمية، أضف إليها إجراءات أخرى صارمة اتخذها الرجل لضبط الأداء داخل مستشفى قصر العينى الذى كان «الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود»، سواء على مستوى الانتظام فى العمليات، والضبط والربط فى إجراءات علاج المرضى، وتوفير الأدوات والمستلزمات الطبية المطلوبة لذلك.. تُرى كم من مريض خف ألمه أو أُنقذت حياته بسبب هذه الإجراءات؟

حينما تجد أى كوادر مهنية قيادة جادة وملتزمة، وتطبق القواعد واللوائح والقوانين بشكل عادل على الجميع، وعلى نفسها قبل الجميع، فإنها ترضى بأسلوبها فى الإدارة حتى ولو كان فيه بعض الصرامة، وأحياناً القسوة، لأنها تنظر إلى النتائج الإيجابية على أرض الواقع فترضى عن الأسلوب، حتى ولو كان فيه بعض الاستبداد.. ألم يتحدث الشيخ الإمام محمد عبده عن «المستبد العادل» الذى يحتاج إليه الشرق؟ تكاد تكون شخصية هاشم فؤاد نموذجاً على ذلك المستبد العادل، فقد كان يمارس الإدارة بنوع من الاستبداد، لأن المشاكل التى كان يواجهها مستشفى «قصر العينى» كانت أكبر من أن يتم التعامل معها بالأخذ والرد. فالمشاكل كانت معروفة وعلاجها كان معروفاً، لكن الإدارات المتعاقبة على المستشفى لم تكن تمتلك الشجاعة الكافية لفرض الحلول، فظل الوضع على ما هو عليه لأجيال متعاقبة، وحين تولى هاشم فؤاد مسئولية المستشفى أبى إلا أن يواجه. استطاع حل بعض المشكلات، وواصل جهده على مدار ثلاث دورات عمادة متتالية، يجتهد فى مواجهة كل ما يستطيع مواجهته، تدعمه فى ذلك قاعدة عريضة من الأساتذة آمنت بأدائه الذى ينطوى على قدر من الاستبداد، لكن العدل يزينه.

رحم الله الحكماء الثلاثة.

arabstoday

GMT 11:21 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظ أفضل وراحة بال

GMT 11:19 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

صوت الجندي المكتوم في قارورة بحرية!

GMT 11:17 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الجفاف يجتاح إيران وحرب مياه في أفق المنطقة

GMT 11:13 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط الفاشر... هل يُكرر السيناريو الليبي؟

GMT 11:10 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سرقة متحف اللوفر

GMT 11:06 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

السيدة المعجزة

GMT 10:57 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وحلم الولاية الثالثة

GMT 10:55 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ساركوزي ولعنة ليبيا والقذافي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة «المستبد العادل» إدارة «المستبد العادل»



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 11:57 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

GMT 08:03 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يصعد بعد تراجع مخزونات الخام الأميركية اليوم الأربعاء

GMT 05:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأبراج الفلكية التي تملك أسرار السعادة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab