الحزن المكتوم يربك العقل

الحزن المكتوم يربك العقل

الحزن المكتوم يربك العقل

 العرب اليوم -

الحزن المكتوم يربك العقل

بقلم - د. محمود خليل

يقول "آدم الصغير" لنفسه وهو ينظر إلى جده: "عجباً لأمر هذا الكهل الذي يتحدث بلا توقف دون أن تتحرك شفتاه.. أشعر أن لساني يضرب سقف حلقي من الجفاف.. أمسيت عاجزاً عن الكلام من فرط الجفاف".. تمتد يد الجد وتمسح على رأسه وهو يقول: "يا مجري الماء في النهر.. يا مفجر الماء من قلب الحجر.. يا حنان يا منان".

- الشاب (ضاحكاً): رقية شرعية؟- الشيخ: ها هو لسانك ينطلق.. املكه يا ولدي.. قديماً قالوا إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.

- الشاب: هو أنا قادر أتكلم.- الشيخ: الصمت عبادة.. ليت جدي سكت.. لكن الأمر لم يكن بيده.. كان صدره يغلي من الأحزان.. ليته سكت.الأيام تمر و"مصطفى الثاني" الذي أنجبه "الترجمان" من زوجته الشامية يكبر ويملأ حياته وينسيه ألمه على ولده الأول، وحنو زوجته الثانية "الشامية" عليه ينسيه قسوة قلب زوجته الأولى.عاد إلى العمل في بلاط الوالي "عباس الأول" فأنعشه المال والمكانة من جديد، لكنه توجع كثيراً وهو يبصر في قصر الحكم عقلاً لا يضارع عقل الجد الكبير محمد علي، عقلاً كسولاً فقير الطموح، لا يرى في الحياة إلا أوجه المتعة.أحس منذ اليوم الأول للعودة بتحول كبير في شكل الحياة بالقلعة.. البلاط الذي كان يعج بالنشاط بدا خاملاً.. خبت شعلة الطموح التي أوقدها الوالي الكبير وتوقفت العديد من المشروعات، وضرب الإهمال المشروعات التي تمت.ظل "الترجمان" لا يؤدي عملاً ذا شأن داخل القلعة، بسبب زهد "عباس" في الأجانب، كما أنه -خلافاً لجده- كان أميل إلى التعامل مع الانجليز، أكثر من الفرنسيين، لذا لم تكن هناك أعباء كبيرة على "حسن" الترجمان عن الفرنسية.

كان هذا الوضع يثير حنقه على الوالي وكان يسر بذلك إلى من يعملون معه داخل القلعة أو أو في "سراي الحلمية" أو "سراي الخرنفش"، دون أن يعلم أن المدير التركي لم يزل يريد استكمال دائرة انتقامه وأنه تحت المراقبة، دون أن يدري.

يظهر حسن الترجمان وهو يتحدث إلى أحد الفرنسيين الذين يعملون بالقلعة:- الترجمان: يريد أن يفسد نظام المُلك بعد أن أفسد نظام العيشة.

- الفرنسي: تقصد ولي النعم؟- الترجمان (بعصبية): ولي النعم هو الله وليس غيره.. أوقف كل مشروعات جده محمد علي ولم يكفه ذلك.. يريد الآن أن يفسد المُلك الذي يسيّره خالق الحياة.- الفرنسي: كيف؟.

- الترجمان: يريد نقل الولاية من بعده إلى ولده إلهامي باشا.. رغم أن الجد محمد علي أوصى بأن تئول الولاية إلى أكبر الأبناء أو الأحفاد من بعده.. يريد أن يحرم عمه "سعيد" منها.

- الفرنسي: هذا كلام خطير.. لا تصرح به لأحد.. هذه نصيحتي لك.- الترجمان: لن يستطيع.. لا أخفي عنك سراً.. سمعت أن عمته سوف تقف في وجهه.. وسعيد باشا أيضاً.- الفرنسي: هل عندك معلومات محددة حول ذلك؟.

- الترجمان: كلام سمعته.يقاطع "آدم الصغير" جده قائلاً:- الشاب: مجنون.. في أحد يفعل ذلك.. جدك الترجمان لم يتعلم شيئاً من تجربته.

- الشيخ: أنت لا تعرف أثر الحزن في النفس.. إن الإنسان يظن أنه نسي ما يحزنه.. وذلك قمة الوهم.. الترجمان عاش في وهم نسيان أحزانه على ولده القتيل.. ولم ينتبه إلى أن الحزن المكتوم يربك العقل.. ويفقد الإنسان اتزانه.. قبل مقتل ولده "مصطفى الأول" كان الترجمان يعرف كيف يملك لسانه.. لكن لسانه أصبح يملكه بعدها.

- الشاب: احك لي الحادثة الخطيرة التي وقعت ووضعت كلمة النهاية في تجربة الترجمان.

- الشيخ: انظر.يظهر الوالي عباس الأول نائماً على سريره في القصر الذي بناه في "بنها".. يظهر فجأة مملوكان داخل حجرة النوم.. يتسللان في تؤدة وأناة حتى يقف الأول خلف السرير.. ويقف الثاني أمامه.. يصدر من يقف خلف السرير إشارة إلى رفيقه.. فينقضا معا على الوالي أحدهما يخنقه بشال في يده والآخر يمسك ساقيه.. ظل الوالي يقاوم ويعافر.. ثم أخذ جسده يستسلم شيئاً فشىء حتى همد تماما.نقل بعض المخلصين للوالي القتيل جثته إلى القاهرة، وحاولوا تولية ولده "إلهامي باشا" محله، لكن محاولتهم لم تفلح، بسبب الغضب الذي كانت تكنه الاسرة العلوية لعباس الأول، نتيجة جفائه لهم، وما سيطر عليه من تشاؤم وتوجس وخوف من كل من حوله وإيثاره بناء قصوره وسرايات حكمه في الأماكن الصحراوية.بعدها اعتلى سعيد باشا عرش المحروسة.. في حين اعتلى حسن الترجمان عرشاً آخر.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحزن المكتوم يربك العقل الحزن المكتوم يربك العقل



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة
 العرب اليوم - واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي
 العرب اليوم - إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة
 العرب اليوم - ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 00:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
 العرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 23:06 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
 العرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 03:47 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 04:12 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروع أميركي لرفع اسم أحمد الشرع من قائمة عقوبات مجلس الأمن

GMT 05:01 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 07:24 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات دبلوماسية أمام مشروع القوة الدولية في غزة

GMT 04:57 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مدفعية الاحتلال تقصف المياه اللبنانية قبالة الناقورة

GMT 04:49 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 6.2 يضرب إندونيسيا

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 05:19 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخصين بضربة أميركية استهدفت قارب مهربين في المحيط الهادئ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab