العقاد والمسيح والحب

العقاد والمسيح والحب

العقاد والمسيح والحب

 العرب اليوم -

العقاد والمسيح والحب

بقلم - خالد منتصر

تناول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد مثل غيره من أدباء هذا العصر شخصيات دينية كثيرة، لكنه تفرّد عنهم بتناوله شخصية المسيح، رغم أنه تميّز فى الكتابة عن عبقريات إسلامية مثله مثل طه حسين وهيكل، هذا التميّز جعلنى أقرأ كتابه عن حياة المسيح وأقتبس منه تلك العبارات:

المسيح نَقَضَ شريعة الأشكال والظواهر، وجاء بشريعة الحب أو شريعة الضمير.

وشريعة الحب لا تُبقى حرفاً من شريعة الأشكال والظواهر، ولكنَّها لا تنقض حرفاً واحداً من شريعة النَّاموس، بل تزيد عليه.

وينبغى هنا أنْ نُصحّح معنى الناموس فى الأذهان، فإنَّ معناه هو «القوام» الذى يقوم به كل شىء، وناموس العقيدة هو الأصول الأبدية التى يقوم بها ضمير الإنسان ما دام للضمير وجود، فلن يزال قائماً -كما قال السيد المسيح- ما قامت الأرض والسماوات.

ولقد كمل المسيح شريعة الناموس حقّاً؛ لأنَّه جاء بشريعة الحب، وهى زيادة عليه.

إنَّ النَّاموس عهد على الإنسان بقضاء الواجب، أمَّا الحب فيزيد على الواجب، ولا ينتظر الأمر، ولا ينتظر الجزاء.

الحب لا يُحاسب بالحروف والشروط، والحب لا يُعامل النَّاس بالصكوك والشهود، ولكنَّه يفعل ما يُطلب منه ويزيد عليه، وهو مستريح إلى العطاء غير مُتطلع إلى الجزاء.

بهذه الشريعة -شريعة الحب- نقض المسيح كل حرف فى شريعة الأشكال والظواهر.

وبهذه الشريعة -شريعة الحب- رفع للناموس صرحاً يُطاول السماء، وثبّت له أساساً يستقر فى الأعماق.

وبهذه الشريعة -شريعة الحب- قضى على شريعة الكبرياء والرياء، وعلَّم النَّاس أنَّ الوصايا الإلهية لم تُجعل للزهو والدعوى والتيه بالنفس، ووصْم الآخرين بالتّهم والذنوب، ولكنَّها جُعلت لحساب نفسك قبل حساب غيرك، وللعطف على النَّاس بالرحمة والمعذرة، لا لاقتناص الزلات واستطلاع العيوب.

وفى اعتقادنا أنَّ «شخصية» السيد المسيح لم تثبت وجودها التاريخى وجلالها الأدبى بحقيقة من حقائق الواقع، كما أثبتتها بوصايا هذه الشريعة؛ شريعة الحب والضمير.

فكلُّ كلمة قيلت فى هذه الوصايا هى الكلمة التى ينبغى أن تُقال، وكل مُناسبة رُويت، فهى المناسبة التى تقع فى الخاطر، ولا تصل إليها شبهة الاختلاق.

يلزم فى شريعة الكبرياء من يتّخذ الدّين سبيلاً إلى التعالى على الآخرين، ويلزم فى شريعة الحب من يقول لذلك المتعالى على غيره المتفانى بنفسه: «لماذا تنظر إلى القذى فى عين أخيك ولا تنظر إلى الخشبة فى عينك؟!».

يلزم فى شريعة الفرح بالعقاب، والسعى وراء العورات من يسوق المرأة الخاطئة فى المواكب، ويخف إلى موقف الرجم كأنَّما يخف إلى محافل الأعراس.

ويلزم فى شريعة الحب من ينهى ذلك الجمع المنافق، ويكشف له رياءه، ويرده إلى الحياء، وقد ارتدَّ إلى الحياء حين استمع السيد يُناديه: «من لم يُخطئ منكم فليرمها بحجر».

ويلزم فى شريعة الرياء والكبرياء أنْ يفخر المصلى بصلاته، وأن يُعلن الصائم عن صيامه، ويتّخذه زيّاً ينم عليه بعبوسه وضجره، ويلزم فى شريعة الحب من ينهى النَّاس عن صلاة الرِّياء وصيام الرياء؛ لأنَّهم يُحبون أنْ يُصلوا قائمين فى المجامع، وفى زوايا الشوارع، «ومتى صمتم أنتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنَّهم يُغيرون وجوههم؛ ليظهروا للنَّاس صيامهم، فقد استوفوا أجرهم فلا أجر لهم، وأمَّا أنتم فمتى صُمتم فادهنوا رؤوسكم، واغسلوا وجوهكم، لا يظهر صيامكم للنَّاس، بل لأبيكم المطلع فى الصدور».

arabstoday

GMT 07:24 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

سيرة المؤشر

GMT 07:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

هل ضجر العالم من الواحدية الأميركية؟

GMT 07:20 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

هل ينهي هجوم الدوحة علاقة الخليج بواشنطن؟

GMT 07:19 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح

GMT 07:17 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

الخيار العربي في مواجهة «عقيدة ويتكوف»

GMT 07:16 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على 11 سبتمبر: تشظيات الإرهاب وتحوّلاته

GMT 07:14 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

من رد الفعل إلى الردع

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

التبرير الفكري للاحتلال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقاد والمسيح والحب العقاد والمسيح والحب



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 03:47 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعلن طلب مسؤولين بحماس مغادرة غزة

GMT 01:56 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

شأن ما جرى في قطر!

GMT 12:17 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

هل يمكن العودة للسلام؟

GMT 03:52 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

جيش الاحتلال يعتقل شابًا سوريًا بريف القنيطرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab