بقلم - خالد منتصر
فيلم «بادنغتون» ليس مجرد فيلم أنيميشن شهير يناسب الأطفال، لكنه دليل متميز على كيف يخدم الفيلم السينمائى الجيد السياحة. شخصية الفيلم الرئيسية أصبحت أيقونة سياحية فى لندن الآن، لكن دعونى أحكى لكم الفيلم الذى تأخرت مشاهدتى له عدة سنوات وشاهدته فقط الأسبوع الماضى، تدور القصة حول دب صغير يتكلم قادم من «بيرو» يعيش فى غابة مع خالته. بعد زلزال يدمر منزله، يسافر إلى لندن بحثاً عن عائلة تحتضنه، حاملاً على رقبته بطاقة تقول: «من فضلك اعتنِ بهذا الدب، شكراً».
يجد نفسه ضائعاً فى محطة بادنغتون، إلى أن تقابله عائلة براون وتقرر مساعدته، فتبدأ مغامراته الطريفة والمليئة بالفوضى فى المدينة، خاصة حين تهدده عالمة شريرة تسعى لتحنيطه، ما هو سر تميز الفيلم؟ شخصية بادنغتون محبوبة جداً، برىء، فضولى، وطيب القلب. يجذب الأطفال والكبار، الكوميديا لطيفة ومناسبة للعائلة، فيه مشاهد كوميدية تعتمد على المواقف وليس التهريج، جودة الرسوم والمؤثرات وشخصية الدب متقنة جداً فى التصميم والتحريك، فيه فلسفة جميلة وعميقة ورسائل إنسانية عن الاندماج وتقبُّل الآخر، أداء تمثيلى قوى، خاصة نيكول كيدمان فى دور الشريرة، لكن كيف أصبح بادنغتون مصدر جذب سياحى فى لندن، صار رمزاً بريطانياً محبباً عالمياً؟
الدب بادنغتون أساساً هو شخصية أدبية كلاسيكية ابتكرها مايكل بوند فى عام 1958، وكان دائماً يُصوَّر كبرىء، مؤدب، ويحب المربى، أصبح رمزاً للقيم البريطانية مثل اللباقة، حسن الضيافة، والمساعدة للغرباء.
صُورت مشاهد كثيرة فى معالم لندن الأصلية مثل: محطة بادنغتون، المتحف الطبيعى، نهر التايمز، منطقة نوتينغ هيل، يوجد الآن تمثال شهير لبادنغتون وهو جالس على حقيبته فى محطة Paddington - حيث «عُثر عليه» فى القصة الأصلية، هناك حركة بيع واسعة لهدايا تذكارية: دمى، كتب، قبعات، معاطف، مربّى البرتقال.
متجر Paddington Bear فى المحطة يُعد نقطة جذب تجارية مهمة، هناك شركات سياحة تنظم جولات اسمها «Paddington Tours» تشمل: زيارة أماكن التصوير، الاستماع للقصص الأصلية، التجول فى أحياء ظهرت فى الأفلام، تلقى هذه الجولات إقبالاً كبيراً من العائلات والسياح اليابانيين والأمريكيين خاصة، استخدمته هيئة السياحة البريطانية فى حملات بعنوان: «See London Through Paddington’s Eyes» ليربطوا بين الطابع الودى للعاصمة والوجه البرىء للدب.
بادنغتون -باختصار- لم يعد مجرد شخصية خيالية، بل صار «سفيراً ثقافياً» غير رسمى للندن، يجذب الأطفال والبالغين على حد سواء، ويمثل بريطانيا بأسلوب لطيف وعاطفى. من خلال الأفلام، والكتب، والتماثيل، والجولات، أصبح عنصراً مهماً فى الاقتصاد السياحى البريطانى. يزوره آلاف السياح لالتقاط الصور معه، ويُعتبر نقطة بداية لجولات سياحية.