ظاهرة أم شيماء والفيروس الرقمى

ظاهرة أم شيماء والفيروس الرقمى

ظاهرة أم شيماء والفيروس الرقمى

 العرب اليوم -

ظاهرة أم شيماء والفيروس الرقمى

بقلم : خالد منتصر

تستحق ظاهرة أم المذيعة شيماء جمال دراسة سوسيولوجية خاصة ومتعمقة، فأنا أكاد أجزم بأنه لم توجد فى مصر شخصية فرضت نفسها على التريند بهذه الكثافة منذ اختراع الفيسبوك، أصبح الفيسبوك فجأة مليئا بأحاديثها إلى المواقع المختلفة، حتى البث المباشر لها أصبح يتخطى ملايين المشاهدات، تحس أنك محاصر بفيديوهاتها، تهرب من فيديو ليصدمك فيديو آخر، تسرع بعمل «السكرول» للفرار السريع فتصطدم بالقلعة المحصنة لتجد الست ماجدة فى وجهك وقفاك!، التريند عادة يأخذ يومين أو ثلاثة ثم يخمد ويخبو، ليأخذ ويحتل مكانه تريند آخر، لكن هذا التريند على العكس أخذ أسابيع وأسابيع، ومازال مكملا طريقه المقدس، ومساره الصاعد،

متضخما ككرة الثلج، والمدهش أن الحادثة نفسها مر عليها أكثر من ثلاث سنوات، وإعدام القاتل أيمن حجاج وشريكه حسين الغرابلى تم منذ شهور، وبرغم ذلك ظهر التريند بهذه القوة، وهذا الانتشار العجيب الذى لا يفسره تزامنه مع المسلسل، فما أكثر المسلسلات التى تناولت أحداثا من الواقع، ولم يحدث لأبطالها هذا التواجد المرعب والملح على السوشيال ميديا، بدليل أن أم شيماء صارت أشهر من كل أبطال المسلسل مجتمعين!، الظاهرة تطرح سؤالا مهما، ماذا حدث للمزاج المصرى؟، ما سر هذا الولع بالطريقة الفضائحية فى عرض القضايا؟، فأم شيماء لم تنتشر لنبل القضية التى تعرضها عن العنف الاجتماعى ضد المرأة... إلخ، لكنها انتشرت لأنها أم شيماء، والشعب المصرى يريد سماعها ويتابعها لكى يسمع حكاياتها عن زوجها وصديقة ابنتها التى اتهمتها أم شيماء بسرقة ملابس ابنتها الداخلية، وخوضها فى عرض أم صديقتها بالحديث عن ضبط فكهانى تحت السرير... إلى آخر تلك الحكايات التى مهما رفضت سماعها فهى تتسلل لك مع ذرات الأكسجين، انتقلت خناقات الردح من طرقات الأزقة والحوارى إلى صفحات السوشيال ميديا، وصارت المواقع تلهث خلف هذا النموذج الذى لا أدينه بقدر ما أدين هذا اللهاث وأولئك اللاهثين خلفها، والذى بالفعل يحتاج إلى رصد جاد، فأحداث جسام حدثت فى حياتنا أثناء هذا التريند، لو حدثت فى بلد آخر لانتفضت الدنيا واستنفر المجتمع كله، مثل حوادث التحرش فى المدارس، ونتائج الانتخابات، وتوابع قانون الإيجارات، كل هذه الأحداث والشعب المصرى يتابع أم شيماء!، وهذا يفتح مناقشة آلية هذا الانتشار وهو ما يسمى الفيروس الرقمى أو التريند الفيروسى والذى رسخته ثقافة الـ«REEL» الذى يحتاج إلى مقال مستقل، التريند الفيروسى هو ظاهرة رقمية تنتشر فيها فكرة، فيديو، صورة، أغنية، أو سلوك بسرعة هائلة على الإنترنت، بحيث يراها ويتفاعل معها ملايين الأشخاص خلال فترة زمنية قصيرة،

غالبًا بسبب طبيعتها العاطفية أو الطريفة أو المثيرة للجدل، وهو يشبه انتشار الفيروس البيولوجى، ينتقل من شخص إلى آخر (عبر إعادة النشر أو التفاعل)، ينتشر بسرعة وبلا مركزية (لا أحد يتحكم فيه تمامًا)، يُسبب عدوى جماعية من الاهتمام أو التفاعل، لكن هل الفيروس الرقمى يؤثر فى فراغ اجتماعى، لا بالطبع إنه يحتاج ثقافة فضائحية، ومجتمع مولع وجاهز لاستقبال وطبخ وصناعة هذه الثقافة، التى تعتمد على ثلاث نظريات: نظرية الفرجة (Spectacle) والتى لخصها الكاتب الفرنسى «جى ديبور» فى أن العالم أصبح عرضًا مستمرًا والناس متفرجون دائمون، ونظرية المراقبة (Surveillance culture) وهى أن كل شخص يعيش تحت كاميرا المجتمع، وهناك لذة فى مراقبة الآخرين، ونظرية القطيع والتحرش الرقمى (Digital mobbing) حين يتجمهر الملايين حول ضحية رقمية ويشاركون فى قتلها الرمزى، فى حالة أم شيماء كان القتيل الرمزى هو كل من تحدثت عنهم وهاجمتهم بعنف، للأسف الشديد قراءة عقل مجتمعنا من خلال ترينداته ينبئ بكارثة.

arabstoday

GMT 21:58 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

الدَّرس

GMT 21:56 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

الهجوم على خالد بن الوليد

GMT 21:53 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تحولات استراتيجية للأمن الوطني الأميركي

GMT 21:50 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

مفاوضات تحديد الخسائر!

GMT 21:48 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

الهند وتخصيص القطاع النووي لتوليد الكهرباء

GMT 21:46 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تحول لبنان الهش نحو السلام الآن

GMT 21:43 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل يكفي التجريم فقط؟

GMT 21:40 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل يجرؤ الاتحاد الأوروبي على مصادرة الأموال الروسية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظاهرة أم شيماء والفيروس الرقمى ظاهرة أم شيماء والفيروس الرقمى



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 23:08 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تدابير الفيفا لمواجهة الحرارة في المونديال
 العرب اليوم - تدابير الفيفا لمواجهة الحرارة في المونديال

GMT 12:04 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب
 العرب اليوم - دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب

GMT 13:21 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

هل ما زالت الثقافة مهمة؟

GMT 12:43 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان سعيد مختار في مشاجرة أمام ناد شهير بأكتوبر

GMT 15:26 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يكشف التميمة الرسمية لكأس أمم إفريقيا في المغرب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن رغبته في اتفاق يضمن خلو جنوب سوريا من السلاح

GMT 19:30 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف استبعاد بلير من عضوية "مجلس السلام" في غزة

GMT 12:11 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي ويصف صوته بصوت ملاك

GMT 13:07 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab