أهمية الاستقرار بالتفهم والازدهار بالتفاهم

أهمية الاستقرار بالتفهم... والازدهار بالتفاهم

أهمية الاستقرار بالتفهم... والازدهار بالتفاهم

 العرب اليوم -

أهمية الاستقرار بالتفهم والازدهار بالتفاهم

بقلم - فؤاد مطر

كان بشارة الخوري أول الرؤساء اللبنانيين الذين زاروا سوريا. فقد شارك في القمة التي استضافها الملك فاروق (29 - 30 مايو «أيار» 1946) في «أنشاص» وشارك فيها أيضاً الرئيس السوري شكري القوتلي والملك عبد الله ملك شرق الأردن والأمير سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية (نيابة عن والده الملك عبد العزيز) وسيف الإسلام عبد الله نجل الإمام يحيى ملك اليمن. وما يلفت الانتباه دلالة على الانسجام اللبناني – السوري زمنذاك، أن الرئيس بشارة الخوري - وكان وصل إلى «أنشاص» - توجَّه برفقة جميل مردم بك (وزير سوريا المفوض لدى مصر) إلى مطار «أنشاص» لاستقبال الرئيس شكري القوتلي الآتي في طائرة عسكرية مصرية أقلَّته من القاهرة. وفي مذكراته يكتب بشارة الخوري عن أجواء المحادثات في الجلستيْن اللتيْن عقدهما القادة: «كنتُ أنا وشكري بك القوتلي كأننا شخص واحد، تفكيرنا واحد واتجاهنا واحد. والانعكاسات واحدة سواء في المفاوضات أو في الاجتماعات الخاصة يستأنس واحدنا بالآخر...». ويضيف دلالة على الانسجام في الموقف، وذلك عند تحديد ألقاب القادة الموقِّعين على نص المقررات: «مال الملك فاروق إلى أُذن جاره شكري بك القوتلي وهمَس إليه ببضع كلمات همَس بها شكري بك في أذني، فوافقتُ عليها بحنْي الرأس، ولم يلبث أن اقترح جاري الرئيس السوري أن يعرَّف الملك فاروق بلقب (ملك مصر والسودان وصاحب النوبة ودارفور وكردفان)، فوافق المجتمعون على ذلك. وأُجمع على النص النهائي فدُعي الخطاط الملكي واستجلَبَ رَقًّا لكتابة المقررات مدبَّجة بماء الذهب...».

ويشير بشارة الخوري إلى أنه بعد انتهاء أعمال القمة: «توجّهنا أنا وشكري بك إلى المطار في سيارة واحدة، وتوديع الملك فاروق لنا ولسائر ضيوفه... رأى من المناسب إطلاع صديقه الرئيس السوري وبحضور الملك فاروق على دعوة تلقَّاها من تركيا». ثم يضيف:«أخبرْتهما بقبولي الدعوة مرحِّباً بذلك غير أنني لحظتُ في عينيْ شكري بك بارقة تعجُّب وخطرت على بالي مسألة لواء الإسكندرون في لمحة خاطفة. ثم خلوتُ به وقلت له: إذا كنتم ترون من المناسب أن أزوركم في دمشق زيارة رسمية قبْل زيارة تركيا فأنا على استعداد لها، فرحب الصديق الكبير بالفكرة، وعلى إثر رجوعي إلى لبنان من (أنشاص) تمت زيارة دمشق يوم 8 يونيو (حزيران) 1946». ويصف بشارة الخوري أجواء الزيارة التي يقوم بها أول رئيس للجمهورية اللبنانية التي باتت كما شقيقتها الجمهورية السورية وقد طُويت صفحة الانتداب الفرنسي لهما، على النحو الآتي: «كُنا وصلْنا إلى ضاحية دمشق (بعد استقبالنا رسمياً من جانب رئيس الوزراء سعد الله الجابري) وكان الرئيس شكري بك مع الهيئات الرسمية بانتظارنا على مسافة أربعة كيلومترات من المدينة، فترجلْتُ وتعانقتُ ومضيفي، بينما الجماهير تصفِّق بحرارة والجيش يؤدي التحية والموسيقى تعزف النشيديْن الوطنييْن. ثم كانت الحفلة الكبرى في حديقة القصر الجمهوري التي ظهرت بأجمل حُلة من المصابيح الكهربائية والرياحين. في اليوم الثاني وبعدما استيقظتُ باكراً وتناولتُ الفطور على السطيْحة وطالعتُ المقالات اللطيفة التي كتبتْها صحف دمشق عني وعن لبنان، تبادلتُ الحديث في مقابلة مطولة مع الرئيس السوري عن شؤون كثيرة؛ أولها زيارة تركيا، ولم يُخفِ شكري بك عني أن هذه الزيارة كانت قد ساءت السوريين لو لم تسبقها زيارتي لدمشق، فأجبته أنني قصدْتُ من زيارة دمشق رسمياً إظهار ما يكنه لبنان ورئيسه للشعب الشقيق من محبة وتقدير، قبْل أن أزور تركيا، وأضفتُ أن قضية إسكندرون لا تنتهي إلاَّ بتحكيم دولي، واقترحتُ أن تتبادل سوريا وتركيا التمثيل السياسي وفهمتُ من شكري بك أنه سيتم التبادل بين البلديْن في وقت ليس بالبعيد...».

ويُنهي الرئيس بشارة الخوري انطباعاته عن زيارة دمشق بعبارة: «كانت الزيارة موفَّقة جداً والغيمة التي خيمت لحظة قصيرة ما لبثت أن تبددت إذ اتضحت نياتنا الطيبة نحو جارتنا العزيزة...».

بعد هاتين الزيارتين المتبادلتين؛ زيارة الرئيس بشارة الخوري إلى دمشق، وقيام الرئيس شكري القوتلي بزيارة بيروت، تبدلت الأحوال والمعادلات والوجوه في كلتا الدولتين الجارتين الشقيقتين وباتت الزيارات مقتصرة وبما يشبه التحالف من جانب واحد في عهود ثلاثة رؤساء لبنانيين (إلياس الهراوي، إميل لحود، ميشال عون).

وأما الآتي من الأيام فإنه، على ما يجوز الافتراض، استعادة متدرجة لما كانت عليه طبيعة العلاقات اللبنانية – السورية، وإن اختلف التعبير عن المشاعر تبعاً للمصالح وللمتغيرات الدولية، وعلى قاعدة قائمة على المثل الشعبي المتداول في دول الأمة وهو: «يا جاري أنت بحالك وأنا بحالي».

وهذا المَثل بمثابة مفتاح الأبواب الموصدة أمام الطمأنينة للشعب ولمن يحكمه، وأمام إعادة بناء ما جرى تدميره في غمضة أعين - طالت الكثير - عن التبصر في أهمية عدّ التنمية والتأهيل المعرفي هما الأساس، وعلى قاعدة: الاستقرار بالتفهم... والازدهار بالتفاهم.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهمية الاستقرار بالتفهم والازدهار بالتفاهم أهمية الاستقرار بالتفهم والازدهار بالتفاهم



ثنائيات المشاهير يتألقون ودانييلا رحمة وناصيف زيتون يخطفان الأنظار في أول ظهور عقب الزواج

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 04:34 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

فى مواجهة «حسم»!

GMT 18:42 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

نانسي عجرم تدمج اللمسة المغربية في أحدث أعمالها

GMT 14:14 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

عقلاء وحكماء في بطانة صانع القرار

GMT 15:54 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

صحة غزة تعلن توقف الخدمة في 6 مرافق طبية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab