فرنسا والدولة الفلسطينية

فرنسا والدولة الفلسطينية

فرنسا والدولة الفلسطينية

 العرب اليوم -

فرنسا والدولة الفلسطينية

فـــؤاد مطـــر

جاءت المبادرة الفرنسية تبعها الموقف البريطاني الذي يهم هو الآخر لتأييد صيغة الدولتين، تشكِّل اختراقاً غير مسبوق بالنسبة إلى سيف «الفيتو» المسلَّط على القرارات ذات البعد الإنساني في معظمها.

لقد شكَّلت المبادرة الفرنسية المستندة في موضوعيتها إلى الموقف السعودي الذي كان بمعزل عن الانفعالات والمزايدات في صدد صياغة خطوة من شأن الأخذ بها إيجاد التسوية المتعادلة للصراع العربي - الإسرائيلي في حال التقى قطب دولي مع الرؤية السعودية، ثم يأتي الموقف الذي اتخذه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلتقي مع صوابية الحراك السعودي المبدئي والسياسي والدبلوماسي على مدى ثلاث سنوات في مواجهة اندفاع إسرائيل نتنياهو إلى التدمير والتهجير والتجويع وتخريب المستشفيات في قطاع غزة، يثمر تسليم رئيس فرنسا بضرورة الانتقال من الموقف كلامياً تجاه صيغة الدولتين حلاً واقعياً التي هي البادئة قبْل ثلاثة عقود في طرْحها بغرض أن تأخذ القضية «القتيل» حقها، وبتراجع القاتل عن جرمه الذي بلغت ممارسته ثلاثة أرباع قرن من الزمن.

كما لا بد من الأخذ في الاعتبار بأن مشاهد التجويع والتدمير، بالذات مشاهد مئات الأطفال الذين يموتون جوعاً مثّلت دافعاً لدى فرنسا، ولقد عرضتْها الشاشات الفرنسية إلى جانب المظاهرات العفوية يشارك فيها رجال ونساء وشبان وشابات، مسنون ومسنات، تجوب شوارع وجادات عاصمة النور باريس وبعض مدن فرنسا، وما كُتب على اللافتات من عبارات ومطالب وكذلك صور الأطفال المُبادين جوعاً.

في أي حال لم تكن فقط خطوة الرئيس ماكرون وليدة ما أشرنا إليه، ذلك أن مواقفه السابقة كانت تمهد للموقف الأكثر حسماً. ونتذكر عبارته قبْل سنتين (7 أكتوبر 2023) وهي «إن حل الدولتيْن هو الحل الوحيد الممكن في الشرق الأوسط»، وقبْل ذلك خلال زيارة قام بها عام 2017 إلى القدس عبارته التي أزعجت الإسرائيليين كثير الانزعاج «فرنسا لن تتخلى أبداً عن الدفاع عن حل الدولتين...».

وثمة نقطة نظام في هذا الشأن وفحواها أن ماكرون لم يكن فريد رؤساء فرنسا في الموضوع الفلسطيني، ذلك أن «الأب الروحي - السياسي» لهذا الموضوع كان الرئيس الجنرال شارل ديغول، الذي بعد فوزه بالرئاسة عام 1959 أزاح بحساب الستارة الأوروبية الحاجبة لجوهر القضية، وتمثَّل ذلك بعبارة شهيرة له على خلفية حرب 5 يونيو (حزيران) 1967 هي «إن اليهود الذين ظلوا على مر التاريخ شعباً نخبوياً واثقاً بنفسه، ومهيمناً قد غيَّروا طموحاتهم التي تشكَّلت على مدى تسعة عشر قرناً إلى طموحات جامحة بعد أن اجتمعوا في أرض مجدهم التاريخي...». وعندما ثارت ثائرة الإسرائيليين واليهود من كُتَّاب فرنسا على مقصد ديغول من كلامه، ووجَّهوا إليه من الانتقادات أشدها، فإنه بعد نُصحه الذي أشرنا إليه سدَّد إلى إسرائيل سهماً أشد إيلاماً تمثَّل بإعلانه تأييد فرنسا القرار 242 (إنهاء احتلال إسرائيل لأراض سيطرت عليها في حرب 5 يونيو 1967) وفرْض حضْر تصدير أسلحة إلى إسرائيل، وهو مطلب سبق مناشدة أوساط فرنسية وعربية صديقة لفرنسا الرئيس ماكرون الأخذ به.

إلى جانب الجنرال ديغول الأب الروحي أو زارع شتلة ضرورة الأخذ بصيغة الدولتين يحْضُرنا موقف الرئيس جورج بومبيدو القائل أمام الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) عام 1973 «لن يتحقق السلام إلا عبْر الاعتراف المتبادَل وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة»، وموقف الرئيس فاليري جيسكار ديستان عام 1975 المتمثل بالسماح بفتْح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية زمن رئاسة ياسر عرفات لها. وكذلك موقف الرئيس جاك شيراك الذي بعد توليه الرئاسة بسنة زار عرفات (أكتوبر/ تشرين الأول 1996) في مقره، الأمر الذي أزعج الحكومة الإسرائيلية، وزادها انزعاجاً حرصه على زيارة البلدة القديمة من القدس، وكأنما في ذلك يريد القول إنها ستكون عاصمة دولة فلسطين. وحتى الرئيس نيكولا ساركوزي، المتعاطف مع إسرائيل، وإلقاؤه عام 2008 خطاباً في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) سبقه خلال سنته الأولى (2007) رئيساً موقفٌ غير مكتمل الحماسة، تمثَّل بقوله إنه عازم على العمل من أجْل إقامة دولة فلسطينية. والأرجح أنه أراد بخطابه المفعم حماسة لإسرائيل في «الكنيست» إرضاء إسرائيل تعويضاً عن عزمه المشار إليه، وإن كان بعد ثلاثة أعوام (2011) دعَم طلب انضمام فلسطين إلى «منظمة اليونيسكو»، وذلك من باب المزيد من التعويض. وكذلك خلَفه الرئيس فرنسوا أولاند كان له تصريح قبل المغادرة لتسلَّم ماكرون الرئاسة، وهو «إن حل الدولتين ليس حلماً من الماضي بل لا يزال هدفاً للمجتمع الدولي».

ما يتمناه العربي من المحيط إلى الخليج، مروراً غير عابر ﺑ«غزة المظلومة»، المزيد من الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية التي لا محالة قائمة

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا والدولة الفلسطينية فرنسا والدولة الفلسطينية



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab