العلم هو الحل

العلم هو الحل

العلم هو الحل

 العرب اليوم -

العلم هو الحل

بقلم : عبد الرحمن شلقم

في كتابه «شروط النهضة»، أسهب المفكر الإسلامي الجزائري، مالك بن نبي، الحديث عن العوامل التي تحقق نهضة الشعوب. ترعرع مالك بن نبي تحت الاستعمار الفرنسي لبلاده. شعب الجزائر المضطهد، الذي كان يعاني الفقر والأمية والضعف، في مواجهة مستعمر أوروبي متقدم في جميع المجالات، ما مكنه من امتلاك القوة التي جعلته يهيمن على الجزائر وغيرها. وفي كتاب ثانٍ لمالك بن نبي، «القابلية للاستعمار»، تناول الموضوع ذاته، في محاور لا تبعد كثيراً عما جاء في كتاباته الأخرى، التي يغوص عبرها في عوامل القوة والضعف.

في مقال سابق لي، كتبت عن اختراع المطبعة في ألمانيا، وانتشار التعليم وانطلاق الفلسفة والفكر، في أوروبا في القرن الخامس عشر، في حين حرَّمت السلطنة العثمانية المطبعة لقرون، في كل أرجاء الإمبراطورية، التي ضمت أغلب بلدان المنطقة العربية. نستطيع أن نقول اليوم، جرياً على ما ذهب إليه مالك بن نبي، القابلية للتخلف أو شروط الضعف. العلم هو صانع المسافة بين التقدم والتخلف. ما اخترعه البشر واكتشفوه، في السنوات المائة الأخيرة، أكثر بكثير مما توصل إليه من عاشوا قبلهم عبر آلاف السنين.

هناك شعوب عانت من الاستعمار والتخلف، لكنها نهضت بقوة وتحولت إلى نمور اقتصادية، تزرع وتصنع وتبدع في مختلف المجالات. الصين بكيانيها الوطني والشعبي، وكوريا جنوبها وشمالها، وكذلك فيتنام وسنغافورة والهند. أوروبا كانت القاطرة الكبرى لقيادة العالم نحو عصر جديد، ولحقت بها الولايات المتحدة الأميركية. أميركا اللاتينية شهدت سنوات طويلة من الصراعات والاضطرابات والانقلابات العسكرية، والنزق الآيديولوجي المدمر. العلم كان الرافعة الأساسية الحاسمة، التي تصنع نهضة الأمم، وتفتح أبواب التقدم أمام الشعوب.

في منطقتنا العربية التي شهدت منذ بدايات مرحلة الاستقلال، تأسيس كيانات وطنية، كان العلم هو الأمل الحاضر دائماً، لكن ما تحقق عبر سنوات طويلة كان محدوداً، ولم يحقق اللحاق الشامل والكامل، بما حققته الشعوب التي تقف في مقدمة دول العالم اليوم.

يجمع العرب على موقفهم من إسرائيل، رغم اختلافهم في العديد من القضايا. حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً عن دولة إسرائيل الكبرى، صفع الرأي العام العربي، وملأ وسائل الإعلام، وغصت به وسائل التواصل الاجتماعي. نتنياهو يقدم نفسه كأحد ملوك بني إسرائيل التاريخيين، فهو الأطول بقاء فوق كرسي رئاسة الحكومة في إسرائيل. وهو التلميذ الذي نهل من فكر زئيف جابوتنسكي الصهيوني المتطرف، الذي قال إن ما لا تحسمه القوة، يتحقق بالمزيد من القوة. أطلق نتنياهو ذلك التصريح، لينعش الذاكرة التوراتية اليهودية. السؤال لماذا يندفع رئيس حكومة إسرائيل الآن، ويطلق تصريحاً يحمل تهديداً مباشراً لدول مستقلة ذات سيادة؟ هو يعتقد أن دولته تمتلك من القوة ما يجعلها قادرة على تحريك عجلة التاريخ نحو أحلام لم يفق منها اليهود منذ قرون.

إسرائيل فرضت وجودها بالقوة، التي صنعتها بالعلم، مثلما فعلت كل الدول المتقدمة في جميع أنحاء العالم، الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، والصين لحقت بهما، بفضل التوسع المستمر في دنيا العلوم المختلفة. إسرائيل أخذت مكاناً بارزاً في قائمة الدول المتقدمة في التعليم والعلم.

مُنحت جائزة نوبل منذ تأسيسها إلى ألف شخص تقريباً، أغلبها في المجالات العلمية، 20 في المائة منهم يهود، في حين حصل أربعة من العرب فقط على الجائزة في المجالات العلمية، وكلهم درسوا في جامعات دول غربية يحملون جنسياتها. ميزانية الإنفاق على البحث العلمي، في كل الدول العربية، بمعدل 7 دولارات لكل مواطن، في حين يصل في دول أخرى إلى 750 دولاراً لكل مواطن، وميزانية البحث العلمي في جمهورية الصين الشعبية وصلت إلى 500 مليار دولار سنوياً. تحتل إسرائيل المرتبة 15 في العالم، في الأبحاث العلمية المنشورة في العلوم التطبيقية، وتحتل جامعاتها ترتيباً متقدماً في التصنيف العالمي للجامعات. تنفق إسرائيل 4.5 في المائة من صافي دخلها السنوي على البحث العلمي. تبنى الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان النموذج الألماني في التعليم. كان العلم والتقنية الشغل الشاغل مبكراً لليهود، وصنعوا أول كمبيوتر في العالم سنة 1945، واليوم تسيطر إسرائيل على مروحة واسعة من تقنية الاتصالات المختلفة في العالم. سنة 1973 كان لدى إسرائيل 2400 عالم في مجال العلوم والهندسة التطبيقية وتكنولوجيا المعلومات، ووصل العدد اليوم إلى أكثر من ضعف هذا العدد. هناك عالم واحد في إسرائيل لكل 10 آلاف مواطن إسرائيلي، في حين يوجد عالم واحد لكل 100 ألف مواطن في البلاد العربية. سجلت إسرائيل 16805 براءات اختراع، بينما سجل جميع العرب 836 براءة، وهذا يساوي 5 في المائة من مجموع براءات الاختراع المسجلة في إسرائيل.

العلم هو القوة التي تصنع التقدم وتحقق النصر، أما التيه في أوهام الماضي السحيق، والهيام بالشعارات والأناشيد، فلا ينتجان سوى التخلف والانكسارات.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلم هو الحل العلم هو الحل



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:13 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رياض محرز يسجل أسرع هدف في كأس أمم أفريقيا 2025

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 08:52 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

فايزر تعلن وفاة مريض وُضع تحت اختبار دواءهيمبافزي

GMT 09:40 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

وفاة لاعب كرة قدم وسط مباراة رسمية بسبب تميمة سحرية

GMT 08:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة إسرائيلية تستهدف وسط بلدة حولا جنوبي لبنان

GMT 19:52 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أحمد عبد الوهاب الابن الأصغر لموسيقار الأجيال

GMT 09:37 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

شهيدان بغارة إسرائيلية على حافلة في الهرمل شرقي لبنان

GMT 19:39 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قادة الأسد السابقون يحاولون استعادة نفوذهم في الساحل السوري

GMT 13:39 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

خبيرة أممية تحذر من ظروف احتجاز زوجة عمران خان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab