زمن الاستقطاب العميق

زمن الاستقطاب العميق

زمن الاستقطاب العميق

 العرب اليوم -

زمن الاستقطاب العميق

بقلم - أمينة خيري

لو طلب منى وصف هذا الزمن بكلمة واحدة، فسأختار «الاستقطاب». هو زمن الاستقطاب العميق، أكثر من كونه الذكاء العميق، أو «الويب» العميق، أو التزييف العميق، أو الفساد العميق أو غيرها. كل ما سبق من نعوت لحق بالزمن لوصفه، سواء علميا أو اجتماعيا أو سياسيا أو تقنيا، يأتى بعد كونه زمن الاستقطاب العميق.

بداية انتشار الكلمة، استقطاب، كانت عقب، وربما أثناء، أحداث يناير ٢٠١١. ولعل الأمارات الأولى ظهرت فى الشد والجذب بين من اعتبرها ثورة، أو مؤامرة، أو مؤامرة انقلبت ثورة، أو ثورة تحولت إلى مؤامرة. كانت المرة الأولى التى يقف فيها المصريون على أطراف نقيض سياسى، وأيديولوجى، واجتماعى، ودينى من بعضهم البعض. لم يقف المسلمون على طرف نقيض من المسيحيين، أو العكس، بل وقف المنتمون والمتعاطفون والمنجذبون والواقعون تحت تأثير جماعة الإخوان فى مقابل السلفيين، وكلاهما وقف فى مقابل «المسلمين السادة»، أى بدون إضافات، بمعنى ثالث المسلمون غير المؤدلجين سياسيا أو المضحوك عليهم فكريا.. وهلم جرا.

هذا التحفز والتربص لم يقف عند حدود التصنيف العقائدى المصطنع، بل شمل تصنيفات أخرى كثيرة سياسية واجتماعية، وإن ظلت محاولات أباطرة وأمراء الإسلام السياسى الأكثر ظهورا، حيث استماتتهم لتخليق طوائف وملل بين أبناء شعب لم يعرف الطائفية يوما، باستثناء الثمار التى بدأت تظهر كنتيجة طبيعية ومتوقعة لترك نسخة التدين السبعينياتى المستوردة ترتع، ومعها جماعات الإسلام السياسى المصنعة محليا أو Homegrown، وأخواتها وأبناء عمومها من جماعات وجمعيات.

وأعود إلى «زمن الاستقطاب العميق»، والذى تتضح معالمه وتنكشف ملامحه يوما بعد يوم، لا فى مصر فقط، أو فى المنطقة، بل فى سائر الكوكب وفى كل المناحى. السمات العالمية الرئيسية لهذا الزمن هى: التطرف الأيديولوجى، حيث يبدو سكان الأرض وكأنهم يقفون على طرفى نقيض من بعضهم البعض، وأن مهمة كل طرف معاداة أو النيل أو التقليل أو القضاء على الطرف الآخر. ويتسم كذلك بتآكل هوامش الثقة، وأحيانا انعدامها تماما، حيث يتم النظر إلى الرأى المعارض أو الموقف غير المتطابق أو الرؤية المغايرة باعتبارها براهين تؤكد أن صاحبها خائن أو عميل، وفى أفضل الأحوال جاهل أو غبى.

وفى هذا الزمن ينمو ويتمدد مفهوم التحزب، حيث الإمساك بتلابيب فكرة أو رؤية أو توجه، وتحويلها إلى عقيدة دونها الرقاب، وهو ما يستوجب اعتناق الكراهية تجاه الآخرين.

ومن أبرز ما يميز هذا الزمن ما يعرف بـ«صوامع المعلومات والأخبار». إنها منظومة استهلاك الأخبار والمعرفة والمعلومات من المصادر التى تتطابق وتؤكد وجهة نظر المستهلك، فيمعن فى استهلاكها، معتقدا أن هذه هى الحقيقة وهذا هو الواقع. وهكذا، يقبع كل مستهلك فى صومعته المعلوماتية والخبرية، ينهل منها المزيد يوميا.

تطبيقات، ومنصات، وخوارزميات تعمل دون كلل، تبدع فى صناعة عوالم خبرية ومعلوماتية صناعية، وتدفع بالجميع نحو المزيد من الاستقطاب فى «زمن الاستقطاب العميق».

arabstoday

GMT 11:59 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الإسلام السياسي

GMT 11:54 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

قمة مصرية إسرائيلية

GMT 11:51 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الانتخابات التى عرفناها

GMT 11:48 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

السلاح لا يخفي صوت الضحايا إلى الأبد

GMT 11:37 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد منصور ودراما سيزيف المصري

GMT 10:18 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

«يونان».. الحياة تقف على باب الموت!!

GMT 10:14 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

حلم الدكتور ربيع!

GMT 10:10 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الأفكار الكبرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن الاستقطاب العميق زمن الاستقطاب العميق



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا
 العرب اليوم - لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا

GMT 22:09 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دوى انفجارات فى منطقة المزة بدمشق والشرطة تتحقق من طبيعتها

GMT 21:56 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

الهجوم على خالد بن الوليد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab