بقلم - أمينة خيري
للتوضيح فقط، إعلان الغضب، ورفض ما جرى فى تل أبيب من قبل مجموعات من «الإسلاميين» لا يعنى أبداً التخلى عن غزة، أو معاقبة أهلها على ما فعله السفهاء منهم. وإعلان الغضب، ورفض ما يقول آخرون سواء متهمين مصر بالتقصير، أو معتبرين إياها المسؤول الوحيد عن مأساة غزة التى بدأت عقب عملية حماس فى السابع من أكتوبر 2023، أو حتى أولئك الذين يصفون ما تقدمه مصر بـ«غير ذات جدوى» أو «لا طائل منها» وغيرها، لا يعنى أبداً أن يؤثر ذلك على موقفنا تجاه غزة وأهلها المنكوبين.
وكم كنا نتمنى أن يكون الصف العربى موحداً أمام ما يجرى من رسم لخرائط، وإعادة هيكلة للمنطقة شكلاً وموضوعاً، ولكن الأمنيات شىء والواقع شىء آخر، وعلينا وضع غزة وأهلها فى مقدمة الأولويات الآن، على ألا يٌترَك حق مصر، أو يتم التهاون فيه دبلوماسياً وسياسياً وإعلامياً. وبهذه المناسبة، أقول إن السب والسخرية وردود السوشيال ميديا شىء، والمواقف الرسمية شىء آخر، وعلى الإعلام ألا يقع فى فخ السوشيال ميديا. وكم من رد دبلوماسى رصين، وتحرك سياسى حكيم خير ألف مرة من تنابز السوشيال ميديا. ما يصل إلى دوائر القرار فى مشارق الأرض ومغاربها، وما يؤثر فى سياسات الدول (ولو إلى حد ما حيث المصالح هى الحاكمة والمنافع هى المتحكمة) هى التحركات السياسية والدبلوماسية، لا ما نفش به غلنا على «فيسبوك»، أو «نطق به حنك» على «إكس» أو غيرهما.
لا تجاهل ما جرى، ولا الإغراق فيه شعبوياً هو الحل. وعلى أن أشير هنا إلى صدمتى فى البعض من «غير المتأسلمين» (لأن هؤلاء مواقفهم معروفة ومحفوظة مسبقاً) مما تعرضت له سفارات مصر فى الخارج من تطاول لا ينم إلا عن استمرار مخططات الجماعات الإسلامية المعضدة للأسف من قبل دول إقليمية وغير إقليمية، ولا سيما تظاهر الإسلاميين الفلسطينيين أمام مقر سفارة مصر فى إسرائيل. أقول إن الصدمات الكاشفة تتوالى. هل التضامن والتعاطف الكاملان مع غزة وأهلها، والتحرك من أجل فعل المزيد، بل والاعتراض أو الانتقاد أو غيرهما أمور تجعلك تتعامل مع هذه التظاهرة التى لا تكشف إلا عن خيانة ونفاق وغدر وغش وكأنها لم تكن؟!.
أتفهم تماماً أن الأولوية يجب أن تكون لغزة، وأن الجهود المبذولة من أجل التشتيت والفتنة لصرف الأنظار بعيداً يجب أن تقابل بالمنع، ولكن مرور مثل هذا العمل الخائن دون حتى توقف، يعنى إما: براءة- هى بالأحرى سذاجة- سياسية مفرطة، أو تمكن مشاعر الكراهية والثأر تجاه الوطن والرغبة فى التدمير الذاتى وكأنها مقاومة عظيمة.
أن نعتبر غزة وأهلها المنكوبين قضيتنا وشغلنا الشاغل لحين انكشاف الغمة لا يعنى أبداً أن نخون الوطن، أو نسكت على إهانته، أو نعتبر ما جرى زوبعة فى فنجان. ما جرى هو طوفان فى فنجان بدأ بتظاهرة الإسلاميين أمام سفارة مصر فى إسرائيل ولا ينتهى عندها.