بقلم - أمينة خيري
حديث الشارع فى أمريكا حاليا ليس عن قناة السويس أو بنما، اللتين كتب عنهما الرئيس الأمريكى ترامب قبل أيام على منصته «تروث سوشيال» أنه يجب السماح للسفن الأمريكية العسكرية والتجارية على حد سواء بالمرور مجانا عبرهما. هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية.
القنوات الإخبارية تعرج على ما كتبه ترامب فى بعض النشرات الإخبارية عن القناتين. الأخبار منصبة على ما يجرى فى ملف المهاجرين والترحيل، وكذلك الخلاف بين الإدارة الأمريكية وجامعات النخبة، أو ما يسمى «رابطة جامعات اللبلاب» أو «الآيفى ليج» والمصنفة ضمن الأفضل فى العالم، ومبيعات «تسلا» التى تأثرت سلبا بدرجة مقلقة، وآثار منظومة الضرائب الجديدة على حياة المواطن الأمريكى، وتأثر الدخل، وجديد التأمين الصحى، وأداء الاقتصاد بشكل عام.
حرب أوكرانيا، وموقف أمريكا من الناتو، ونتائج الانتخابات فى كندا، ومن يصبح بابا الفاتيكان الجديد موضوعات تثير بعض الاهتمام أيضا. حتى الحرب فى غزة، والضربات الموجهة إلى الحوثيين لم تعد تثير الكثير من اهتمام الأمريكيين العاديين. وسقوط مقاتلة أمريكية فى البحر الأحمر هو ما أيقظ الحديث عن الوجود الأمريكى فى المنطقة بعض الشىء.
وسائل الإعلام الأمريكية المنتقدة للرئيس ترى أن أداء المائة يوم الأولى كان صادما، وأن قياسات الرأى العام تؤكد ذلك. وسائل الإعلام المؤيدة للرئيس ترى أن أداء المائة يوم الأولى كان جيدا، وأن قياسات الرأى العام تؤكد ذلك.
غاية القول إن الأمريكيين ليسوا منشغلين أبدا بالأحداث الجسام التى تؤثر على العالم، ويعتقد شعوب الأرض أن الأمريكيين يتحدثون عنها ليلا نهارا. وفى وسط هذا الكم المذهل من الأحداث التى تحركها أمريكا خارج حدودها، والآثار الكبرى التى تشغل أغلب دول الأرض وشعوبها، أجد فيما يتم تداوله عن قناة السويس ما هو جدير بالتفكر. فبعد سنوات من محاولات دول وجهات عدة التقليل من حجم أهمية القناة، والقول بأن حركة التجارة العالمية لم تعد تعتمد عليها بشكل كبير، وإن قنوات جديدة يجرى الحديث عنها ستقوم بالمهمة وبشكل أفضل، ها هى «أحد أهم خطوط العالم الملاحية، إن لم يكن الأهم» و«قناة السويس خط حياة وليست خط مياه» و«ممر مائى حيوى لأمن الطاقة فى جميع أنحاء العالم» وغيرها من أوصاف قناة السويس يجرى تداولها.
وسائل إعلام العالم تسابقت لتنقل ما قاله الرئيس الأمريكى عن قناتى بنما والسويس، لكن التركيز الأكبر والسرد التاريخى والعرض الاستراتيجى والتاريخى والجيوسياسى والتجارى والاقتصادى من نصيب قناة السويس.
وبعيدا عن مآل ما كتب الرئيس ترامب عن القناتين على منصة «تروسوشيال»، وهل يتم طرحه مجددا، أم يذهب إلى حال سبيله، يمكن القول إن العالم ربما كان فى حاجة لإنعاش ذاكرته واستحضار الحقائق والمعلومات ونفض الأتربة التى حاول البعض إلحاقها بالقناة وأهميتها وأثرها على العالم، سلبا وإيجابا. قناة السويس شريان حياة، لا قناة مائية.