بقلم - أمينة خيري
الملاحظة والمتابعة جزء لا يتجزأ من متع السفر. ومهما سافر الشخص، وصال وجال فى أرجاء الأرض، ورأى الجديد، وأعاد الاطلاع على القديم، يظل هناك الكثير والكثير ليتعلمه ويُضاف إلى تجاربه من الملاحظة، شرط أن تكون بعقل مفتوح، وإدراك منزه عن الفوقية والأفضلية.
فى أمريكا مئات الجنسيات، والأصول، والأعراق، والإثنيات، ويُضاف إلى ذلك ملايين السياح القادمين من شتى أرجاء الأرض، بالإضافة إلى السياحة الداخلية الأمريكية. وهذا يعنى، ورغم كل ما يجرى على الصعيد السياسى، وتحديدًا ملفات الهجرة والترحيل وغيرها، أن المجتمع متعدد الأوجه والثقافات.
وأحمد الله كثيرًا أن رحلتى ليست سياحية بالمعنى الحرفى للكلمة، وإلا لأُهدر الوقت وضاع الجهد فى سطحيات السياحة وقواعدها المتحجرة، من الانتقال من الفندق إلى المزارات، ومن المزارات إلى الأسواق، ثم عودة إلى الفندق، وهلم جرًّا.
وضمن هوامش الملاحظات، مركز ثقافى خدمى يهودى أمرّ عليه ذهابًا وإيابًا، وكذلك مركز إسلامى أعتقد أنه خدمى أيضًا. الأول مبنى صغير ملحق به ساحة كبيرة مقسمة على ملعبى كرة سلة وطائرة. والثانى مبنى ضخم، والساحة فارغة. الأول فيه أولاد وبنات أعمارهم تتراوح بين العاشرة والـ 15 تقريبًا، ومعهم مدرب يلعبون الكرة، وتوجد مشرفة ومشرف يشجعان الجميع. الثانى ساحته خاوية على عروشها.
وحتى لا أُصدر أحكامًا دون معرفة، فقد بحثت عن اسم المركز الإسلامى على الإنترنت، وفتحت موقعه لأتعرف إلى نوعية الأنشطة التى يقدمها، وهو نفس ما فعلته للمركز اليهودى، حيث لا يصح الاعتماد فقط على ما أراه من تدريب ورياضة فى ساحته. أنشطة الأول كالتالى: دورات تحفيظ القرآن الكريم، كتاب ما بعد المدرسة للصغار، للتحفيظ والتلاوة، كورس فقه، دورة للأخوات اللاتى اعتنقن الإسلام حديثًا، دورة تحفيظ قرآن للأولاد بعد صلاة العصر، دورة تفسير للإخوة بعد صلاة المغرب، أما أنشطة الثانى فهى: دورات ترفيهية وتعليمية لتعزيز القيم، والتقاليد، والثقافة اليهودية، رحلات لتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع، معسكرات صيفية للمراهقين لتعميق فهم الدين وربطه بأدوات العصر الحديث، دورات رياضية تعقبها وجبات خفيفة للصغار مع ذويهم، لتوثيق، وضمان توارث العادات والتقاليد اليهودية، من الكبار إلى الصغار، وهذا بالإضافة لدورات دينية خالصة.
وقبل قفز القافزين، وهجوم الهجامين، وتصيد المتصيدين، أقول: هذه ليست مقارنة بين دينين، وليست هناك إسقاطات سياسية من قريب أو بعيد. هى ملاحظات أرى أنها جديرة بالتفكير. الدين، كل دين، بمعناه المباشر من كتاب مقدس، وتعاليم، وثقافة، وعادات، وتاريخ، وحفاظ على الموروثات، بالغ الأهمية لأتباعه، وهو الأهم بالنسبة لهم. ولكن، ألا يجدر بمن يعيشون فى القرن الـ 21، ويرغبون فى أن يرفعوا درجة العيش إلى المعاصرة والمواكبة، بل وربما الاستشراف والاستعداد، أن يفكروا فى طرق وأدوات ترغيب وجذب حقيقية تناسب العقد الثالث من الألفية الثالثة؟ وهل حان وقت الانتقال من مرحلة الجمود والتظاهر بالمواكبة إلى المرونة والمواكبة الفعلية؟.. مجرد سؤال.