شبابيك سعادة

شبابيك سعادة

شبابيك سعادة

 العرب اليوم -

شبابيك سعادة

بقلم:أمينة خيري

فسح البسطاء، أو فرص غير الأغنياء، أو فلنسمها إطلالة الناس على الحياة اللطيفة مع قدر من الترفيه. إتاحة «شبابيك سعادة» تضمن قدراً معقولاً من السلام الاجتماعى، وتهدئ من غضب أو قلق الشعوب من أوضاع اقتصادية صعبة.

هذه الفسح أو الفرص أو الإطلالات هى بمثابة «شباك سعادة» يطل منه الناس، لا سيما البسطاء، ونضم إليهم فى ظل الأوضاع الاقتصادية بالغة الصعوبة فى أرجاء العالم الطبقة المتوسطة ومن يحومون أسفلها بقليل. فرصة الاستمتاع بيوم على شاطئ نظيف فيه حد أدنى من الخدمات، ولا يفرض رسوماً على الدخول وأخرى على الجلوس وثالثة على استخدام الحمام ورابعة على استنشاق الهواء هى «شباك سعادة» يدوم مفعوله لأسابيع عدة.

شبابيك مماثلة توفرها الحدائق العامة وحفلات الموسيقى المجانية وحتى فرصة التجوال فى المراكز التجارية الأنيقة (المولات) دون شرط التسوق أو احتساء فنجان قهوة بمائة جنيه وغيرها. كل شباك من هذه الشبابيك يوفر إطلالة للجماهير من سكان منتصف الهرم الاجتماعى والاقتصادية نزولاً إلى القاعدة العريضة لتلتقط أنفاسها وتشحذ طاقتها وتشحن قدرتها على معاودة مواجهة الحياة، أو بالأحرى «المعافرة». بدونها تنقلب الحياة فعلياً جحيماً على الأرض.

هذا الجحيم هو ما يدفع بعض الدول إلى تخفيف لهيبه إما بإطلاق يد مؤسسات دينية تسلب هذه الجماهير قدرتها على التفكير وتقوم بتخديرها عبر تصوير الدنيا باعتبارها دار اختبار صعب فقط لا غير، ومن يريد اجتياز الاختبار عليه أن يتألم ويقاسى ويتعذب، وكلما زاد تألمه وتفاقم عذابه، كلما زادت فرصه فى السعادة، ولكن فى الحياة الآخرة. ومن الأنظمة الحاكمة من يلجأ إلى التخفيف من لهيب الأرض عبر بالون الأحلام. يعدون الجماهير العريضة بقدوم الخير غداً، وغداً يقولون بعد غد، وهلم جرا. وهناك من يلجأ إلى تجاهل معاناة الناس، فيعمل على التظاهر بأن «كله تمام»، وربما يؤمن بأسلوب الإيهام، أو «الزن على الودان أمر من السحر»، حيث تصدق الجماهير العريضة أنها تعيش أجمل اللحظات وأفضل الأوقات بفعل تكرار هذه العبارات.

هذه مدارس فكرية مختلفة فى إدارة الدول والشعوب. وتبقى «شبابيك السعادة» فى رأيى أذكى الطرق وأزكاها. ذكى لأنه لا يتطلب أموالاً طائلة وسياسات معقدة وخطوات إصلاحية مطولة، وزكى لأنه بالفعل حل لطيف ناهيك عن كونه مرضياً لكل الأطراف. فى ولاية فلوريدا الأمريكية، مثلاً، شواطئ لا حصر لها تدخلها بلا مقابل. صحيح لا وجود للمظلات والمقاعد وغيرها، لكن الحمامات والمقاهى الصغيرة متاحة، وجميعها مجانى. كل المطلوب من الرواد ألا يتركوا الشاطئ «مزبلة» وراءهم، وإلا دفعوا مخالفات طائلة. وفى ملاهى ومتنزهات «ديزنى» التى تزخر بها مدينة أورلاندو مثلاً، والتى يفوق سعر التذكرة الواحدة الـ١٢٠ دولارا، هناك متنزهات مجانية تحمل عبق الشخصيات الشهيرة، والفرق الموسيقية التى تعزف دون مقابل والمطاعم لمن أراد واستطاع. أما الغالبية فتحصل على إطلالة سعادة عبر شباك يضمن قدراً غير قليل من السلام الاجتماعى.

 

arabstoday

GMT 12:08 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

استسلام الحوثيين... البداية

GMT 12:05 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب: الجنوب يتساقط

GMT 12:03 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً!

GMT 11:50 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

«الشيخ» بيل غيتس

GMT 11:48 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

أوكرانيا: المرحلة التالية من الحرب

GMT 11:45 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

الالتفات إلى المهمشين في العالم

GMT 11:44 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

تلك اليد الخفية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبابيك سعادة شبابيك سعادة



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:57 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

هدف حكيمى جوهرة نصف النهائى الآخر

GMT 01:29 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 11:40 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

الخطيب أم كولر.. أم نموذج الإدارة؟ (3-3)

GMT 15:49 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

زلزال بقوة 2.9 درجة جنوب روما

GMT 15:45 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

سناب شات تتجاوز 400 مليون مستخدم نشط شهريًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab