بقلم : محمد أمين
نشرت صحيفة الشرق الأوسط الصادرة فى لندن عرضا لكتاب صدر حديثا عنوانه: «بالأحابيل تصنع لك حربا». أما معنى كلمة الأحابيل فهو الفخاخ. وأما مؤلف الكتاب فهو يوسى كوهين، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية السابق. وقد عشنا نعرف هذا الجهاز بالاسم الذى اشتهر به وهو: الموساد.
ما يهمنا فى الكتاب هو ما يخصنا، ولأن إسرائيل جارة مباشرة لنا، فكل ما يجرى فيها يخصنا بالضرورة، ولا ينطبق على حالنا معها إلا قول الشاعر أبوالطيب المتنبى:
ومن نكد الدنيا على الحُر
أن يرى عدوا له ما من صداقته بدُ
أهم ما سوف تعرفه من الكتاب أن صاحبه هو الذى اقترح فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وأن الكابنيت الإسرائيلى.. أى مجلس الوزراء المصغر.. وافق عليها، ثم كلفه بإقناع الدول العربية بها. يقول إنه طار إلى عدد من العواصم العربية، وإنه أفهمها أنه يريد تهجيرا مؤقتاً لا تهجيرا دائما، وأن التهجير سيكون لمليون ونصف المليون إلى سيناء.
يضيف أن العواصم التى مرّ عليها أو تكلم معها كانت لا تمانع فى فكرته، ولكن خشيتها كانت من أن يتحول التهجير المؤقت إلى تهجير دائم، ويقول إنه عرض تقديم ضمانات دولية لها.. وهو كاذب طبعا وبنسبة مائة فى المائة، لأن التهجير لو تم فهو دائم لا شك فى ذلك.
لم يذكر أسماء العواصم العربية التى طار إليها وتكلم معها، لكنه يضيف أنه تواصل أيضا مع الولايات المتحدة، وبريطانيا، واليابان، والصين، والهند، وأنه عرض عليها اقتراحه وناقشه معها.. وبالطبع لم يكن عندها مانع.
ولأنه رجل مخابرات محترف، ولأنه جلس لسنوات على رأس واحد من أشهر أجهزة المخابرات فى العالم، فهو لم يشأ أن يخفى أنه لعب أدوارا مخابراتية سرية، متنكرا فى شخصية تاجر شاى فى السودان مرة، ومتنكرا فى شخصية خبير آثار فى لبنان مرةً أخرى.
الأهم فى الموضوع كله حديثه عن أن اقتراحه كان مرشحا بقوة للتنفيذ وللنجاح بالتالى، ولكن المشكلة الكبرى، كما يقول نصا، أن رجلا واحدا فى المنطقة أسقط المشروع أو الاقتراح، وأن هذا الرجل اسمه عبدالفتاح السيسى.
نتكلم عن كتاب منشور فى الأسواق لرئيس الموساد، ونتكلم عن رئيس للموساد كان مقربا من نتنياهو ولم يكن يفارقه تقريباً، ونتكلم عن اعتراف صريح له لا يتجمل فيه ولا يتخفى وراء الكلمات.. باختصار نتكلم عما قام به رئيس مصر، وعما قامت به المحروسة، ولولا ذلك، لكانت القضية فى فلسطين قد صارت كلها فى خبر كان.