بقلم : محمد أمين
الدكتور محمد ربيع ناصر، رئيس مجلس أمناء جامعة الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، واحد من كبار المستثمرين، لكنه لم يستثمر أمواله فى الأراضى والعقارات، وإنما فضّلَ أن يستثمرها فى شىء يدوم ويترك أثراً للأجيال.. استثمرها فى مجال التعليم والبحث العلمى.. ورأى أن العلم والمعرفة يسهمان بشكل كبير فى تقدم الأمم، كما يساهمان فى الخروج من مرحلة النظرية والتجريب إلى مرحلة الإنتاجية والتصنيع، وتعتمد الأمم فى تقدمها على الإنتاج العلمى، القائم على البحث العلمى وتقديم الحلول الفعالة للوطن!.
عرفت الدكتور ربيع منذ سنوات.. لم أضبطه عابساً ولا غاضباً ولا منفعلاً.. لكنه يتمتع بهدوء وثقة ويتعامل مع كل الناس حوله من العمداء والوكلاء وأساتذة الجامعات بحب واحترام، ويلقى كل هؤلاء مبتسماً بشوشاً مرحِّباً.. ورأيت عنده جميع وزراء التعليم والتعليم العالى السابقين والحاليين.. وأصبحت جامعته حاضنة لكل المسؤولين، وقد بدأ تجربته الخاصة بالمدارس ثم كبر الحلم فأنشأ المعاهد ثم وصل حلمه الكبير إلى إنشاء الجامعات، فأصبح لديه أكثر من جامعة فى المنصورة والفيوم وأسيوط.. وهو لا يفعل ذلك ليعدد المشروعات، ولكنه يهتم بتأسيسها على مستوى علمى كبير فأصبحت جامعة الدلتا من الجامعات التى لها تصنيف عالمى!.
وهو لا يعتمد على كفاءات صغيرة، وإنما يعتمد على أكبر القامات والكفاءات فى تخصصات الجامعة، ويتعاقد مع الأسماء التى حققت نجاحات كبرى فى مجالها، وهنا تفتق ذهنه عن تكريم المتميزين فى البحث العلمى وقدم لهم جائزة لها قيمتها تتفوق على مثيلاتها معنوياً وماديًا.. وهذا العام فى الدورة الثامنة للجائزة، رأيت أسماء عربية من السعودية والعراق والأردن وليبيا.. وكأن حلمه لا يقتصر على المنصورة وحدها وإنما يمتد للوطن العربى الكبير!.
دعانى الدكتور ربيع لحضور احتفالية توزيع الدورة الثامنة من جوائز البحث العلمى فى أحد الفنادق على نيل القاهرة الساحر.. ولبَّيتُ الدعوة لألتقى بالوزراء والعلماء فى كل التخصصات، وألتقى بالأصدقاء والزملاء.. والتقيت على هامش الاحتفالية المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، كان مستريح البال منشرح الصدر، كأنه ارتاح من هموم الوظيفة العامة، واختار أن يقعد بجوارى نتناقش فى أمور كثيرة، وتحدث عن الوزير أحمد زكى بدر، الذى كان يحييه فى القاعة، فجاء الرجل يذكرنى بقصة «لن أعيش فى جلباب أبى».. وحكى قصة بسرعة جمعتنى به فى أحد اللقاءات التليفزيونية بعد الثورة، فابتسمت وابتسم ومضى كل إلى غايته!.
ومن الأسماء التى التقيتها وتحظى عندى بتقدير كبير الوزير المخضرم الدكتور مفيد شهاب.. لم يتأخر عن واجب، ولم يتأخر عن تقديم الرأى والمشورة فى أى ملف ولا يُنبئك مثل خبير.. فهو موجود دائماً فى المناسبات العلمية والأكاديمية والاجتماعية وحتى العزاءات، التى تعكس تقديره وحبه لوطنه وللناس!.
كانت ليلة عظيمة من ليالى القاهرة، موضوعها العلم والعلماء تبشر بالأمل.. ولِمَ لا؟، فالأحلام الكبيرة كلها تبدأ بأحلام بسيطة، وحلم الدكتور ربيع للوطن بدأ بمدرسة الدلتا للغات، وامتدت إلى سلسلة جامعات فى محافظات مصر!.