بقلم : محمد أمين
كان الأستاذ عباس الطرابيلى يحب الحكايات، وكان يقول إنه يكتب بطريقة تداعى المعانى.. وكان يقدم مقالاته بشكل الحكاية.. وجاء الوقت لكى أفعل مثله.. وأمس كتبت عن أحمد باشا حمزة وتذكرت أنه أول من أنشأ مصنعا للزيوت العطرية.. وتذكرت أنه كان يعمل فى تصنيع عجينة الياسمين ويقوم بتصديرها لفرنسا.. وفوجئت أننا دخلنا موسم حصاد الياسمين.. واكتشفت أن مصر تمتلك 60٪ من محصول الياسمين فى العالم!.
عرفت أن شركات السياحة تنظم رحلات لقرية شبرا بلولة مركز قطور بمحافظة الغربية، لحضور موسم الحصاد.. تبدأ الرحلة فى الثانية صباحاً حتى يصل السياح حوالى الساعة الخامسة صباحاً، حيث يبدأ الحصاد قبل شروق الشمس للحفاظ على زهور الياسمين وزيوتها.. وتقوم الفتيات بقطف الزهور ليلاً باستخدام الكشافات.. وتعتبر قرية «شبرا بلولة» واحدة من أبرز المناطق فى العالم لزراعة وصناعة الياسمين، حتى إنها تسهم بما يقارب 40٪ من إنتاج الياسمين عالميًا، ما يجعلها وجهة مميزة لعشاق هذه الزهور العطرة!.
وتعتبر زراعة الياسمين فى مصر من الفنون الزراعية العريقة التى تعود جذورها إلى عام 1951، عندما أدخل أحمد باشا حمزة هذه الزراعة إلى قرية «طحانوب» التابعة لمركز شبين القناطر.. وفى عام 1955، تم إدخال زراعة الياسمين بشكل رسمى إلى قرية «شبرا بلولة»، على يد أحمد بك فخرى، نجل محمود باشا فخرى، سفير مصر فى فرنسا آنذاك، الذى دشن شراكة مع سيدة أعمال فرنسية تدعى سيسل كوحيل!.
نتجت عن هذه الشراكة زراعة الياسمين فى مزرعة عائلية واسعة تبلغ مساحتها 55 فدانًا، مثلت بداية زراعة الياسمين داخل قرية «شبرا بلولة»، التى تفوقت أراضيها على كل الأراضى الزراعية داخل وخارج مصر، من حيث الكفاءة الإنتاجية ومتوسط إنتاج الفدان!.
تمثل زراعة وصناعة الياسمين فى محافظة الغربية تراثًا عريقًا يجمع بين العمل الشاق والإبداع، مع مساهمتها فى دعم الاقتصاد المحلى، وتعزيز مكانة مصر فى السوق العالمية للعطور.. وتظل آمال أهالى قرية «شبرا بلولة» معلقة على موسم الياسمين لزيادة الإنتاجية، لأنه أقرب إلى موسم حصاد القطن فى ربوع مصر، ويرتبط بزواج الفتيات والشباب، كما يظل أملهم معلقاً بتطوير صناعة استخلاص العجينة والزيوت العطرية، ومن ثم النهوض بالزراعة والصناعة العريقة التى توارثوها أبًا عن جد!.
وتشتهر القرية بزراعة الياسمين فى مساحات شاسعة منذ عقود، ما أكسبها شهرة عالمية فى مجال إنتاج العطور والزيوت العطرية، إلى جانب عجينة الياسمين بصفة خاصة، والعجائن العطرية عامة، التى يتم تصديرها إلى الدول الأوروبية، بعد استخلاصها من زهرة الياسمين!.
وتعتبر زراعة الياسمين النشاط الرئيسى فى القرية، حيث تزرع أنواعا متعددة، مثل الياسمين العربى «البلدى»، مع اعتماد المزارعين على تقنيات زراعية متقدمة لضمان جودة المحصول، وتبدأ مراحل الزراعة باختيار الشتلات، وتحديدًا الشتلات الصحية ذات الجودة العالية، والتى تستمر بعد زراعتها لسنوات داخل الأراضى، إذ إن زراعة الياسمين من الزراعات المعمرة!.