بقلم : محمد أمين
لا يوجد أحد درس الآداب إلا ويعرف رموز النقد الأدبى، وأساتذة البلاغة والنقد.. وعلى رأس هؤلاء الناقد الكبير الدكتور محمد مندور.. وهو الذى عمل بالتدريس الجامعى سنوات عديدة ثم أصبح عميدًا للآداب.. وعمل بالصحافة والسياسة.. وعاش تاريخًا حافلاً بالمعارك السياسية والفكرية والاجتماعية المؤثرة، ولد بالشرقية فى 5 يوليو 1907 والتحق بكلية الحقوق وقت افتتاح الجامعة المصرية عام 1925 ثم درس بكلية الآداب قسم الاجتماع وقسم اللغة العربية وحصل على ليسانس الآداب عام 1929 وليسانس الحقوق عام 1930.
وفى سنة 1921 حصل مندور على الشهادة الابتدائية، ولما كانت مدينة الزقازيق تخلو آنذاك من مدرسة ثانوية ألحقه أبوه بالقسم الداخلى فى مدرسة طنطا الثانوية، وهناك ظهر تفوقه الدراسى، حتى حصل على البكالوريا من القسم الأدبى سنة 1925، وكان ترتيبه الثانى عشر على القطر المصرى كله. وقد تخلل ذلك فصله من المدرسة حينًا من الوقت بسبب تزعمه الطلاب فى الإضراب والمظاهرات ضد الإنجليز وحكومة زيور! التى خلفت حكومة سعد زغلول إثر مقتل السردار.
وفى العام الذى حصل فيه مندور على البكالوريا، التحق بكلية الحقوق آملًا أن يصير وكيلًا للنيابة، غير أن الدكتور طه حسين نصحه بالانتقال إلى كلية الآداب، فآثر مندور البقاء فى كلية الحقوق مع الانتساب فى الوقت ذاته إلى كلية الآداب (قسم الأدب العربى واللغات السامية)، كما أعجب أحد الأساتذة الأجانب فى قسم علم الاجتماع باجتهاد مندور فى مادته، فعرض عليه الانتقال إلى قسم الاجتماع، ولما رفض مندور عرض عليه أن يجمع بين القسمين، فقبِل أيضًا، وجاء ترتيبه فى السنة التحضيرية الأول مكررًا على طلاب الآداب والحقوق معًا!.
فى سنة 1929، نال محمد مندور شهادة الليسانس فى الآداب ـ التى كانت مدة الدراسة فيها أربع سنوات ـ وكان ترتيبه فيها الأول، وبقيت له سنة خامسة فى كلية الحقوق.
وأثناء ذلك وقع اختيار الجامعة عليه عضوًا ببعثتها إلى جامعة السوربون، ولحسن حظه قررت الكلية أن تستبقى المبتعثين سنة لدراسة اللغة الفرنسية، فاستطاع مندور أن يكمل دراسته للحقوق، 1930 وحصل مندور على ليسانس الحقوق، وبعد تردد ـ كان منشؤه حلمه القديم فى أن يصير وكيلًا للنيابة ـ فضّل مندور السفر إلى فرنسا على تعيينه وكيلاً للنيابة، غير أنه سقط فى الكشف الطبى لضعف بصره، وكادت بعثته أن تُلغى لولا تدخل الدكتور طه حسين، الذى ذهب بنفسه لمقابلة محمد حلمى عيسى، وزير المعارف آنذاك، حاملًا معه بحثًا كان مندور قد كتبه عن ذى الرمة، فأُعجب الوزير بالبحث عندما قرئت فقرات منه عليه!.
واستطاع طه حسين أن يدفع الوزير إلى كتابة مذكرة إلى مجلس الوزراء، وافق على إثرها المجلس على إعفائه من الكشف الطبى.. فى باريس التحق مندور أيضًا بمعهد الأصوات، حيث درس أصوات اللغة دراسة معملية، وقام ببحث عام عن موسيقى الشعر العربى وأوزانه مسجلة ومقاسة بالكيموجراف، وكتب فى ذلك بحثًا مهمًا بالفرنسية!.
والدكتور محمد مندور واحد من أشهر رموز النقد العربى، وله كتاب النقد المنهجى عند العرب.. وقد درست منه أجزاء فى كلية الآداب!.