بقلم : محمد أمين
تكلمت فى مقال سابق عن الفرق بين رجال الأعمال والسياسيين.. وقلت إن مذكرات السياسيين تراجعت عالميًا مقابل مذكرات رجال الأعمال، التى أصبحت أكثر رواجًا.. فهى تشبه الكنوز وتتضمن معلومات ملهمة للشباب عن السياسيين.. وأتحدث اليوم عن استقالات رجال الأعمال فى عز مجدهم بينما لا يستقيل السياسيون.. الملياردير العالمى وارن بافيت، مثلًا، أعلن أنه سيتنحى عن منصبه بصفته رئيسًا تنفيذيًا لشركة بيركشاير بنهاية هذا العام. وسيبقى رئيسًا لمجلس الإدارة فقط!
كانت الشركة الكبرى منذ تولى إدارتها تعانى من صعوبات مالية عام ١٩٦٥ وحولها بافيت إلى واحد من أكبر التكتلات فى الولايات المتحدة. وتحت قيادته، وصلت قيمة «بيركشاير» السوقية إلى تريليون دولار أمريكى بحلول عام ٢٠٢٤. يُعدّ هذا المستثمر الأسطورى أيضًا أحد أغنى أغنياء العالم، بثروة تُقدّر بنحو ١٦٠ مليار دولار أمريكى!
إذن نحن أمام مسيرة مهنية حافلة، ليس من المستغرب أن يحضر المستثمرون من جميع الأعمار اجتماع المساهمين السنوى لشركة «بيركشاير هاثاواى» عامًا بعد عام ليستمعوا إلى خطابه. هذا العام، سأل أحد الحضور بافيت عن «الدروس المحورية» التى تعلمها فى بداية مسيرته المهنية!
وأجاب بافيت: «الشخص الذى تصاحبه مهم للغاية. لا تتوقع أنك ستتخذ كل قرار بشكل صحيح فى هذا الشأن، ولكن ستتقدم حياتك بشكل عام فى الاتجاه الذى يلائم الأشخاص الذين تعمل معهم، والذين تعجب بهم، والذين يصبحون أصدقاءك!».
الآن عرفت سر الاهتمام الكبير بمذكرات المهندس صلاح دياب.. هو اهتمام بقصص نجاح على أرض الواقع، ولها ثمن وهى تختلف عن قصص السياسيين.. وقال بافيت إنه بينما يُمكن لدراسة مهنة رابحة والحصول على وظيفة فى مجال ذى رواتب عالية أن يُساعدك بالتأكيد على بناء ثروتك، فإن الأشخاص الذين تُحيط نفسك بهم قد يلعبون دورًا مماثلًا فى نجاحك!
أيضًا يمكن أن يقدم هشام طلعت مصطفى قصة حياته للشباب لولا ما شابها من سلبيات وعثرات، خاصة أنه قدم نموذجًا عالميًا للتطوير العقارى، لدرجة أنه احتفل بوصوله للبيع بتريليون جنيه مؤخرًا، عندنا نموذج آخر للنجاح اسمه أحمد عز فى الحديد والصلب، لولا أن اسمه ارتبط بالسياسة وزواج السلطة بالسياسة فحملوه كثيرًا من أعباء وسلبيات فترة الرئيس مبارك!
وأعود إلى «بافيت» الذى نصح الشباب فى اجتماع المساهمين فقال: «لا تقلق كثيرًا بشأن الرواتب الأولية، وانتبه جيدًا لمن تعمل لديه؛ لأنك ستُقلد عادات من حولك. هناك وظائف مُعينة لا يجب عليك قبولها، وأكد بافيت أهمية إيجاد وظيفة تُحبها بالفعل، إلى جانب العمل مع أشخاص تحترمهم وتتعلم منهم. وقال إنه بينما قد يبدو من الحكمة محاولة تقليد خطوات شخص ما حقق الثروة والنجاح بالفعل، إلا أنه من الأفضل لك تحديد شغفك والأشخاص الأذكياء فى دائرتك».
باختصار، نحن أمام كنوز وأفكار بالملايين، ومسيرة ملهمة لرجال أعمال لا يعرفون المستحيل وقدموا نموذجًا يُحتذى به للشباب، يمكنهم أن يصنعوا قصصًا أخرى للنجاح ويساهموا فى بناء الوطن كما فعل غيرهم!