فى أدبيات العمل الحكومى عرفنا أن الحكومة إذا قررت أن تعطل أمرًا فإنها تحيله إلى لجنة، واللجنة تحيله إلى لجان منبثقة، وبعد ذلك لا تنتظر منها أى رجاء.. وهذا الكلام بالضبط ينطبق على لجنة رئيس الوزراء لتطوير الإعلام، فهى لجنة رئيسية تنبثق منها لجان فرعية، وكان يكفى لتطوير الإعلام قرار من مادة واحدة، وهى إتاحة الحرية أمام الإعلام!

ولم يكن تطوير الإعلام فى حاجة إلى لجنة مكونة من إعلاميين وكتاب ورؤساء مواقع، وباحثين ورؤساء قنوات وخبراء ودبلوماسيين - «ما كل هذا العدد؟» - هدفهم وضع خارطة طريق للإعلام.. مع العلم بأن هذه اللجان تشكلت فى عهد رؤساء الوزراء السابقين، ولم يحدث تطوير للإعلام!

إننى أشعر بأن هذه اللجنة اشتغالة أقرب فى الشكل إلى لجان الحوار الوطنى الذى لم يسفر عن أى شىء، ويبدو أن هذه اللجنة أيضًا مستهدف منها أن تكون مكلمة أخرى تستهلك عامًا آخر، ثم تنتهى بلا أى عائد أو قيمة على الإعلام.. وهى واضحة من كثرة أعداد أعضاء اللجنة التى قد تحدث جلبة وخلافات أكثر مما تتيح جوًا هادئًا للنقاش العام!

كانت المسألة سهلة لو صدرت تعليمات بإتاحة حرية العمل الإعلامى والصحفى وإتاحة المعلومات من مصادرها الرسمية، ساعتها ستتراجع الشائعات وتتراجع الأكاذيب لتظهر الحقيقة واضحة، وهى المطلوبة للعمل الصحفى والإعلامى.. كان من الممكن الكلام عن سرقة الآثار بدلًا من الكلام عن فرح بنت وعريسها!

وهذا الأمر فى يد رئيس الوزراء لو أصدر تعليمات للوزراء بالرد على الصحافة، وعدم التعالى على الإعلام والتعاون معه بتقديم المعلومات المدققة وليس المنشورات والإنجازات.. فالصحافة ليست مهمتها أن تكتب إنجازات الحكومة، وإنما مهمتها أن تكتب مواجع الناس وتحملها للحكومة لحلها.. لو فعلنا هذا يتطور الإعلام بدون لجان رئيسية ولجان فرعية ولجان منبثقة!

وتضمن القرار أن تُعد اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام تقريرًا بنتائج أعمالها وتوصياتها وآليات تنفيذها، خلال شهرين من تاريخه، يعرضه رئيسها على رئيس مجلس الوزراء، مع أن الأمر لا يحتاج أكثر من خمسة أعضاء ينجزون المهمة خلال أسبوع واحد فقط!

وباختصار فإن الأمر لا يحتاج شهرين.. ولو فتح رئيس الوزراء درج مكتبه سيجد عنده توصيات سابقة فى نفس الموضوع.. فالإعلام فى مصر ليس حديثًا وإنما هو قائم منذ قرن ونصف القرن لو أراد الرجوع إليه، وهناك أوراق عمل فى دولاب مجلس الوزراء ناقشت هذه القضايا وتوصلت إلى خارطة طريق لإعلام وطنى ناجح.. ولم نكن فى حاجة إلى لجان جديدة وتعليمات جديدة!.