بقلم : محمد أمين
انتهت القمة العربية الإسلامية بالدوحة، وصدر البيان الختامى مجرد كلام إنشائى، وكانت التعليقات والتحليلات أيضا إنشائية.. وهذا المقال أيضا كلام إنشائى.. فلم يصدر قرار عملى، نحن أمة الكلام والشعر العربى نعرف كيف نمدح السلاطين والأمراء، ونُقيم الكلام أكثر من الأفعال.. ولذلك سعدنا بالكلمات التى ألقيت فى القمة، وعلق المعلقون على الكلمات بأنها كانت قوية.. وبعض القادة لم يذهب إلى القمة لأنه ليس عنده كلام جديد، أو لأنه ليس لديه كلام يمكن أن يكون له جدوى فى تقييم الكلام بعد القمة.. وبعضهم أدرك أن الكلام لا معنى له، ولا يريد أن يغضب من يسمعه!.
لا أدعو للحرب على أى حال، ولكن على الأقل قرارات بتجميد العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل.. وهنا أتذكر الذين غابوا عن القمة فقد استراحوا وأراحوا.. والذين حضروا كانوا ينافسون ببعض الكلام أيهم تفوق فى لغة الكلام.. ومع هذا نقول إن مصر فى هذه القمة، كانت مصر التى نعرفها ويعرفونها.. استردت مكانتها وعافيتها وعرفوا لها دورها الرائد الكبير، فى لجم إسرائيل عن عدوانها ودورها فى عملية السلام واستقرار المنطقة، بما تملكه من إرث كبير فى الصراع العربى الإسرائيلى وقدرات ضخمة يعول عليها فى الضغط على إسرائيل.
إن القمة العربية الإسلامية الطارئة تأتى فى وقت شديد الدقة؛ حيث يشهد الصراع العربى الإسرائيلى تحولاً مفصلياً؛ فإقدام إسرائيل بالاعتداء على قطر التى عُرفت بكونها راعية لمباحثات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل لسنوات، ضرب بالقوانين والأعراف الدولية عرض الحائط، دون وجود رادع يحول دون مثل هذه الاعتداءات، والتى تكررت منذ سنوات عديدة ولأهداف مدنية.
بالطبع كانت هناك آمال كبرى معقودة على القمة الطارئة، تلبى مخرجاتها تطلعات الشعوب العربية، التى تنتظر موقفا عربيا حاسما وموحدا، بعد أن طفح الكيل.. وأكبر خسارة جنتها إسرائيل أن الدول التى كانت تسعى للسلام معها قد تراجعت كثيرا للوراء، وأن الاتفاقات الإبراهيمية ربما تذهب إلى غيابة النسيان مدة طويلة، وأن الحسابات الإسرائيلية راحت هباء، فى ظل عنجهية نتنياهو مما يعجل بزوال عهده ومحاكمته!.
لقد خسرت إسرائيل دول الخليج وأولها قطر، التى كانت ترعى المفاوضات وتدعمها إعلاميا، وفتحت الباب لاتفاق ما يسمى بالإبراهيمى.. وعطلت السلام مع السعودية، إن انتهاك السيادة القطرية كان زلة إسرائيلية ستدفع ثمنها لسنوات قادمة، وكان سلوكا شاذا غير محسوب العواقب.. وجاءت القمة لتؤكد خطورة ما جرى، وتؤكد أنه يمكن حصار إسرائيل على الأقل إقليميا وإسلاميا وادخالها فى عزلة ككيان منبوذ، كان يسعى ليكون إحدى دول المنطقة!.
ًباختصار هذا التصرف الإسرائيلى الخسيس جمع كلمة العرب والمسلمين فى كفة، وكشف الموقف الأمريكى الإسرائيلى فى مواجهة العالم، وقد ظهر هذا من قبل فى تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة التى صوتت لصالح دولة فلسطين باجمالى ١٤٢ دولة من بينها روسيا والصين.. على أى حال العرب تكلموا هذه المرة بلهجة لم يعهدوها ولم تعهدها إسرائيل نفسها!.