ستارمر وواقع مسؤولية الحكم

ستارمر وواقع مسؤولية الحكم

ستارمر وواقع مسؤولية الحكم

 العرب اليوم -

ستارمر وواقع مسؤولية الحكم

بقلم: عادل درويش

المعارضة في بلدان تحذو برلمانياً حذو بريطانيا ومجلس عمومها الأشهر والأقدم في العالم، تسمى «حكومة الظل». المعارضة الرسمية في بريطانيا يمثلها حزب المقاعد الأكثر بين مجموعات المعارضة (المحافظون بـ121 مقعداً)، تسمى «حكومة الظل» لأن البنش الأمامي فيها هو ظل أو انعكاس مجلس وزراء الحكومة في جميع المناصب.

غالبية المؤرخين والأكاديميين الدستوريين يعدُّونه النظام الأفضل والأكثر ثباتاً؛ وتأثير تغيير الحكومة على الأسواق والمجتمع لا يكاد يذكر. فالناخب يعرف وزراء الظل قبل التصويت. ونذكر كيف تغيرت الحكومة من «محافظين» إلى «عمال» بكاملها، بعد 14 ساعة فقط من إغلاق مراكز الاقتراع في 650 دائرة بريطانية، الصيف الماضي.

السير كير ستارمر، المحامي الذي كان النائب العام (رئيس جهاز النيابة، أو المدعي العام) قبل انتخابه للبرلمان في 2015، اكتشف أن الانتقال من ظل المعارضة (التي تزعمها منذ 2020) إلى شمس مقاعد الحكومة يعني تعرضه لوهج المسؤولية السياسية وحرارتها. وبدلاً من إطلاق الانتقادات اللاذعة على الحكومة يبحث اليوم في كل حضور برلماني عن درع تقيه رماح المعارضة.

والسلطة الرابعة من منصتها فوق كرسي رئيس البرلمان تراقب كل حركة وكلمة، منه، ومن وزرائه في الصف الأمامي، وردود أفعال نوابه في البنشات الخلفية، بحثاً عن «متمردين» على خطه السياسي؛ لأنهم عادة «مصادر» للصحافة عن التوتر داخل الحزب الحاكم.

مجلس العموم في عطلة عيد الفصح حتى 21 من الشهر الحالي، ولكن ستارمر لا يزال في وهج شمس سدة الحكم وقيظها؛ فالأحداث يا ولدي العزيز -كما قال الزعيم البريطاني الراحل السير هارولد ماكميلان- لا ترحم في مفاجآتها.

وبينما يلهث «العمال» (والمحافظون) لشهرين في استطلاعات الرأي، محاولين اللحاق بحزب «الإصلاح» الحديث التكوين (وله 5 نواب فقط)، يُفاجَأ ستارمر بأرقام جديدة غير مطمئنة: «الإصلاح» يملأ دوائر انتخابات البلديات التي تجري الشهر القادم بمرشحين (1631 أو 99.4 في المائة من الدوائر) أكثر من «العمال» (94 في المائة من الدوائر) وبدورهم أقل من «المحافظين» (97.3 في المائة).

حزب ستارمر لا يجد مرشحين عماليين محليين قادرين على إقناع الناخب في الأرياف والمدن الصغيرة (خارج العاصمة، لندن، والمدن المتروبولية الكبرى) بأن سياسات الحكومة العمالية (بخاصة المالية الضرائبية والاقتصادية) ستكون ذات فائدة على المستوي المحلي (مدينة برمنغهام، ثاني أكبر مدن البلاد، تتراكم فيها تلال القمامة لأكثر من شهر منذ إضراب عمال النظافة بعد أن خفض مجلس المدينة العمالي، المفلسة خزانته، أجورهم).

ورغم عطلة البرلمان يتجول ستارمر، وخلفه المجموعة الصحافية البرلمانية، بين مراكز الصناعة والخدمات، في تراجع واضح عن سياسات اقتصادية تبناها بدوافع آيديولوجية، في مقاعد الظل، ولم تصمد لشمس الواقع.

النموذج الأوضح التراجع عن سياسات البيئة الخضراء ومعادلة الصفر الكربونية، وإن كان ستارمر يمسك بشمسية (مظلَّة) الاستجابة للتعريفات والرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الواردات.

في زيارته لمصنع سيارات، أعلن التراجع آيديولوجياً عن سياسة الرسوم والالتزامات على منتجي السيارات ببيع 28 في المائة سيارات كهربائية (ترتفع إلى 80 في المائة في 2030، ومائة في المائة في 2035) من إنتاجهم وإلا تعرضوا لغرامة؛ ففي الواقع يُحجم أغلبية الناس عن شرائها لارتفاع أثمانها، ولعدم توفر نقاط ومراكز كافية لإعادة شحن البطاريات. وكذلك من أجل منع إنتاج سيارات محركات الاحتراق الداخلي من 2030 إلى 2035.

الأحداث فاجأته بحالة طوارئ ليستعين بالفحم (العدو الأول للمهووسين بآيديولوجية البيئة، كالخضر واليسار العمالي) لإنقاذ ما تبقى من صناعة الصلب البريطانية من الغرق الأبدي.

فشركة «جينغي» الصينية (المالك لمصانع «الصلب البريطاني») استغاثت بالحكومة بأنها ستضطر إلى إغلاق آخر أفران باقية لصناعة الصلب في البلاد، وتسريح 27 ألف عامل، مما ينهي صناعة تعود إلى الثورة الصناعية (ثلاثينات وأربعينات القرن الـ19)، بسبب عدم توازن التكاليف اقتصادياً، واستيراد المواد الخام، والمصنع يخسر ثلاثة أرباع مليون جنيه يومياً.

حكومة ستارمر، استدعت البرلمان من العطلة لجلسة طارئة أمس، السبت (كان آخر مثيل لها في 1982 لحرب الفوكلاند) لمنح صلاحيات مؤقتة لجوني رينولدز، وزير الأعمال والتجارة، لإدارة الشركة ومصانعها مباشرة، واستيراد ما يلزم من خام الحديد والفحم الكوك من خارج البلاد. «العمال» كانوا قد أصدروا قوانين البيئة في 2008، ويلومهم المنتقدون في الاندفاع الآيديولوجي لإغلاق مناجم الفحم وخام الحديد، بينما طالب حزب «الإصلاح» بتأميم «الصلب البريطاني».

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستارمر وواقع مسؤولية الحكم ستارمر وواقع مسؤولية الحكم



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab