تعريف جديد للتطرف في بريطانيا

تعريف جديد للتطرف في بريطانيا

تعريف جديد للتطرف في بريطانيا

 العرب اليوم -

تعريف جديد للتطرف في بريطانيا

بقلم : عادل درويش

 

جدل احتدم في دهاليز السياسة، وفي المناقشات الداخلية بين الصحافيين ونواب في مجلس العموم البريطاني، وفي رسائل متبادلة بين وزارة الداخلية، وخبراء الأمن الوطني الداخلي للبلاد.

وزيرة الداخلية، إيفيت كووبر، لم تأخذ بتوصيات لجنة من المختصين في «خزانة تفكير» من مدرسة يمين الوسط (حرية السوق وحرية الفرد وحرية التعبير وتقليص دور الدولة وخفض الضرائب) كلفتها الوزيرة بإعادة تعريف «التطرف» تهديداً للأمن والسلم الاجتماعي، لتعديل إجراءات الوقاية من الإرهاب.

بعض الخبراء يرى أن تعريف الحكومة البريطانية الحالي للتطرف غير ملائم للتهديدات المعاصرة الحديثة، وهو «ترويج آيديولوجيا تعتمد على العنف أو الكراهية وغير التسامح، بهدف انتقاص حقوق الآخرين وحرياتهم، أو تهديد سلامة الديمقراطية البرلمانية الليبرالية».

أطراف الجدل؛ الصحافة والمتخصصون في مكافحة التطرف في جانب، وحكومة العمال بزعامة كير ستارمر في جانب آخر. غياب الشفافية يزيد من حدة الخلاف، فالتقرير لم تنشره وزارة الداخلية، لكن تسربت منه فقرات، بعضها يوصي بالتركيز «على السلوك والممارسات» - بجانب، أو بدلاً من - في بعض الحالات - التركيز على الآيديولوجيات.

وعدم نشر التقرير يمنح الحكومة ووزيرة الداخلية فرصة التهرب من التعامل مع القضايا التي تثيرها الصحافة والمتخصصون، وبالتالي يصعب عليهم التعرف على الأسباب الحقيقية التي تدفع الوزيرة لعدم الأخذ بتوصيات اللجنة. اللجنة قدمت نماذج «لسلوكيات التطرف»: كالهوس بنظريات المؤامرة، وترويج المعلومات المضللة، أو ترويج الممارسات المسيوجينية (العنف والسلوك المهين تجاه النساء)، وهي تيار مؤثر على الإنترنت، والحركات الانفصالية التي تمتد ممارستها للعنف إلى الأراضي البريطانية من شبه القارة الهندية. اللجنة أوصت بتوسيع تعريف التطرف، ليشمل جماعات وأفراداً لا تكون بالضرورة منضبطة في تنظيم حزبي، مثل حركات حماية البيئة التي تمارس تخريباً وعنفاً وإضراراً بالخدمات العامة، واليسار المتطرف والفوضويين، وحركات المطلب الواحد؛ والأهم الولع بالعنف، وإيجاد عالم وهمي افتراضي للعنف. التعريفات الإضافية كان المتخصصون جادلوا بضرورة ضمها لقوانين مكافحة التطرف، في حالة ممارستها من جانب أفراد غير منظمين ولا يتبعون آيديولوجيا معينة يضمها التعريف الحالي للتطرف.

وكان مدير المخابرات الداخلية (القسم MI6) كينيث ماكالم قال لنواب البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن ربع جهود منظمته موجهة لمكافحة تهديدات اليمين المتطرف، بينما توجه ثلاثة أرباع الجهود للحماية من تهديدات تطرف الإسلاميين وجماعاتهم.

إجاباته كانت ضمن التحقيقات التي أمرت بها الحكومة مع الارتفاع في حوادث أعمال عنف وجرائم ارتكبها ما يعرفون بـ«الذئاب المنفردة»، لأنهم لا ينتمون لمنظمات بعينها.

تم التعامل في الماضي معهم بتقديمهم للمحاكمة حسب التعريفات الآيديولوجية من المضبوطات معهم كنشرات ومواقع جماعات نازية وفاشية أو كـ«القاعدة» و«داعش».

في الصيف الماضي، ارتكب شاب دون الثامنة عشرة مذبحة مروعة بمهاجمة مركز ثقافي لأطفال يتدربون على الموسيقى والرقص بسكين، وقتل ثلاثة منهم (أعمارهم تتراوح بين ست وسبع سنوات) وجرح بضعة آخرين، وسبب حالة من الذعر. الشاب لم يتبع آيديولوجيا معينة (كبعض «الذئاب المنفردة» المنتمية آيديولوجياً لا تنظيمياً لـ«القاعدة»)، وإنما كان مهووساً بالعنف، وبحث على الإنترنت عن سبل القتل الجماعي وإلحاق الأذى بالآخرين، سواء من مواقع نازية وفاشية أو مواقع كـ«القاعدة» و«داعش»، بجانب ممارسته العنف في المدرسة. التحقيقات أشارت إلى أن إدارة مدرسته السابقة، والمتخصصين في البلدية المحلية، والبوليس، وأقسام متابعة مشاكل الشباب، كان لديهم تقارير عن الشاب وولعه بالعنف، وحمله المدى والسكاكين إلى المدرسة، لكن لم تتخذ أي إجراءات فاعلة لعزله بعيداً، أو على الأقل وضعه تحت المراقبة. كان هذا من أهم أسباب تكليف وزيرة الداخلية «خزانة التفكير» بدراسة التهديدات التي لا تشملها قوانين وإجراءات مكافحة الإرهاب والتطرف الحالية.

عدم نشر وزيرة الداخلية كل توصيات اللجنة، والتقرير كاملاً، قد يكرر أخطاء حادثة قتل الأطفال الصيف الماضي، وهي من أسباب تكليف اللجنة أصلاً: فعدم شفافية الجهات المسؤولة بعدم نشر المعلومات والحقائق عن الشاب الذي ارتكب المذبحة، ترك فراغاً ملأته منابر وسائل التواصل الاجتماعي بتكهنات وشائعات «تآمرية»، ومعلومات غير صحيحة بأنَّ الشاب مهاجر غير شرعي إسلامي الاتجاه، مما أدَّى إلى مظاهرات وأعمال شغب وعنف، ومهاجمة مركز إيواء للمهاجرين، ومركز اجتماعي إسلامي ومكتبة، قبل اتّضاح أنَّ الشاب أصلاً من مواليد بريطانيا لأسرة أفريقية وليس مسلماً. ولذلك فعدم شفافية وزارة الداخلية سيفتح باب التكهنات والشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن الأسباب الحقيقية لحجب التقرير.

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعريف جديد للتطرف في بريطانيا تعريف جديد للتطرف في بريطانيا



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab