الاحتيال و«الروك آند رول» في وستمنستر

الاحتيال و«الروك آند رول» في وستمنستر

الاحتيال و«الروك آند رول» في وستمنستر

 العرب اليوم -

الاحتيال و«الروك آند رول» في وستمنستر

بقلم: عادل درويش

 

انخفاض شعبية الحكومات نتيجة متاعب اقتصادية أو مالية تواجه مواطنيها ظاهرة مألوفة، سواء في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية أو في الأنظمة الأخرى، لكن تدهور شعبية حكومة بعد أسابيع قليلة من فوزها بأغلبية ساحقة في الانتخابات، واستمرار التدهور لقرابة خمسة أشهر منذ تقلدها السلطة، أمر نادر الحدوث. هذا ما حدث مع حكومة «العمال» البريطانية بزعامة السير كير ستارمر التي تواجه معارضة شعبية وتطورات غير مألوفة وغير مسبوقة، مثل توقيع ما يزيد على مليونين ونصف مليون، على عريضة مقدمة إلى البرلمان تطالب بإجراء انتخابات فورية. السياسات الاقتصادية في ميزانية الحكومة هي السبب الرئيسي في تدهور شعبية حكومة ستارمر، لدرجة أن إحدى كبريات النقابات العمالية التي تدعم حزب «العمال»، بدأت إجراءات قضائية ضد الحكومة لإيقافها دعم الوقود الشتوي للمتقاعدين.

من الناحية الدستورية، لا يمكن إجراء الانتخابات بسبب عريضة مقدمة للبرلمان، حتى ولو بلغ عدد الموقعين عليها أكثر من الذين منحوا أصواتهم لـ«العمال» في الانتخابات (9 ملايين ونصف مليون)؛ فالانتخابات العامة تتم فقط في حالة تقديم رئيس الوزراء استقالة الحكومة للملك، أو عند سحب الثقة من الحكومة، وهو ما لن يحدث بسبب أغلبيتها البرلمانية. لكن تقديم عريضة كهذه قبل أن تكمل الحكومة خمسة أشهر، يعدّ أمراً محرجاً لستارمر و«العمال»؛ لأن عريضة مشابهة كانت قُدمت للبرلمان في نهاية العام الماضي (2023)، حملت 288 ألف توقيع، وناقشها النواب حسب السوابق البرلمانية في 29 يناير (كانون الثاني) من هذا العام. وتتم مناقشة العرائض والتصويت عليها خارج جدول أعمال البرلمان، في قاعة وستمنستر، ولا تتخذ قرارات تطرح على البرلمان، وإنما يكون التأثير على الرأي العام فقط، ويكون سيكولوجياً للحكومة.

لكن لا يوجد في اللوائح البرلمانية ما يُلزم النواب بمناقشة العريضة في جلسة مفتوحة. توقيع عشرة آلاف أو أكثر على عريضة يستلزم استجابة من الحكومة، سواء في شكل رد رسمي، أو مراسلات، أو إجراءات أخرى، حسب نوعية المطلب، أما إذا وصل العدد إلى مائة ألف توقيع فتدرسها لجنة العرائض البرلمانية؛ لاتخاذ قرار بشأن جلسة مناقشة. لجنة العرائض مكونة من 11 نائباً من الحكومة والمعارضة (7 من العمال، و2 محافظين، و2 ديمقراطيين أحرار، بمن فيهم رئيس اللجنة)، ولا يشترط أن توافق على جلسة مناقشة.

مطلب العريضة لن يتحقق بسبب عدم دستوريته، لكن الأمر سيكون أكثر إحراجاً للحكومة في حال مناقشة نواب من البرلمان موضوعَ العريضة، إذاً سيكون مادة ثرية للصحافة ومنصات التعبير لمهاجمة الحكومة؛ لأن أغلبية وسائل الإعلام تلعب دور السلطة الرابعة باقتدار؛ لضعف المعارضة البرلمانية (باستثناء صحافة اليسار، وقراؤها أقلية).

العريضة وضعت حكومة «العمال» في مأزق أمام الرأي العام، سواء وافقت لجنة العرائض على طرحها للمناقشة أو رفضتها («العمال» أغلبية فيها)، ففي كلتا الحالتين ستستخدم الصحافة، والمعارضة بزعامة كيمي بيدينوك، قرار الرفض، أو ما يطرح في جلسة المناقشة؛ كسياط تلهب به ظهر ستارمر وحكومته، مثلما فعلت يوم الأربعاء في جلسة المساءلة الأسبوعية لرئيس الوزراء.

وظفت بيدينوك ارتفاع أعداد الموقعين على العريضة، وردود فعل خبراء الاقتصاد والمستثمرين للميزانية؛ لتوجيه ضربات بلاغية موجعة لستارمر، ثم حشره في مأزق مطالبتها تأكيده لتصريح وزيرة المالية بعدم زيادة جديدة في الضرائب، فتهرّب من الإجابة. لكن اللسعات الموجعة لرئيس الحكومة جاءت من المعارضة، ومن مفاجأة غير متوقعة وغير مسبوقة. ستيفين فلين، زعيم مجموعة «الحزب القومي» الأسكوتلندي ذكّر ستارمر بأنهم في أسبوع التوعية بالحذر من السرقة والاحتيال بالتبليغ عن أي محاولة فوراً، «فهل يعلم رئيس الوزراء بأي محتال وعد المتقاعدين بحمايتهم، لكنه نشل جيوبهم؟»؛ في إشارة واضحة ساخرة إلى إلغاء منحة تدفئة الشتاء للمتقاعدين. وقبل أن يجيب ستارمر ارتفع التصفيق وصيحات الاستحسان للسؤال من منصة ضيوف النواب فوق مقاعد نواب الحكومة. والتصفيق غير مسموح به في البرلمان؛ فصاح رئيس المجلس السير ليندزاي هويل ينهر الضيوف، محذراً من عواقب مقاطعة الجلسة. الحدث النادر كان هدية للصحافيين البرلمانيين وكتاب الاسكتشات، فالضيف الذي قاد جوقة التصفيق كان روجر دالتري، نجم فرقة موسيقى الروك آند رول «ذا هوو»، وله شهرة واسعة. كما يعدّ من أكثر الموسيقيين شعبية في بريطانيا والعالم الأنغلوسكسوني، بعد بلوغه الثمانين من العمر، وسبّب تصفيق دالتري استحساناً لضبط زعيم النواب الأسكوتلنديين ستارمر وحكومته متلبّسين بنشل جيوب المسنين مثله في أسبوع التحذير من حالات الاحتيال والسرقة.

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتيال و«الروك آند رول» في وستمنستر الاحتيال و«الروك آند رول» في وستمنستر



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab