بقلم : دكتور زاهي حواس
إنه حلم كل أثري أن يكتشف مقبرة كليوباترا ومارك أنطوني. لقد ألهبت قصة العاشقَين خيال الناس في كل أنحاء الأرض. وهو ما ترجم في العمل السينمائي الذي أصبح علامة في تاريخ صناعة السينما، والذي قامت ببطولته إليزابيث تايلور وريتشارد بيرتون. كليوباترا هي بحق أكثر ملكات العالم القديم سحراً. كتبتُ كثيراً عن قصة حياتها، وعن بحثي عن مقبرتها، وحفائري في تابوزيريس ماجنا بالقرب من الإسكندرية؛ حيث الاعتقاد بأن الملكة كليوباترا ربما تكون قد دفنت مع مارك أنطوني أسفل هذا المعبد الضخم. يتميز العمل الأثري، خصوصاً في حقل الاكتشافات، بالبطء، فرغم مرور السنوات لا يزال البحث مستمرّاً، ولا يزال الأمل موجوداً.
وقد تقابلت مع إليزابيث تايلور بالجيزة عام 1977، عندما جاءت في زيارة بصحبة صديقي العزيز كمال الملاخ، الذي اكتشف مركب الشمس الشهيرة الخاصة بالملك خوفو عند قاعدة الهرم الأكبر. ولم أكن أصدق أنني أقابل كليوباترا الحديثة، وكانت إليزابيث بحق جميلة وجذابة. ولقد بحث العديد من الناس عن مقبرة الإسكندر الأكبر، أول حاكم إغريقي لمصر، معتقدين أنه يمكن أن يكون مدفوناً بالجبانة الملكية بالشاطبي بالإسكندرية، أو بواحة سيوة، أو بالواحات البحرية. ومع ذلك، لم يُحاول أحد البحث بجدية عن مقبرة آخر الحكام الإغريق في مصر وهي كليوباترا، فقد اعتقد الكثيرون من الناس أنها قد دفنت بالإسكندرية، تلك المدينة التي شهدت عظمة حكمها علاقتها مع يوليوس قيصر ومن بعده مارك أنطوني.
وكان العلّامة الدكتور فوزي الفخراني يقول لنا ونحن طلاب بقسم الآثار اليوناني الروماني بجامعة الإسكندرية، إن كليوباترا قد دفنت في قصرها بالحي الملكي بالقرب من حي الشاطبي الحديث، واليوم تقع تلك المنطقة تحت ميناء الإسكندرية. عندما نجح أوكتافيو في هزيمة مارك أنطوني بمعركة أكتيوم البحرية أصبحت الإسكندرية ملكه، واتخذت الأحداث منعطفاً درامياً. وهناك العديد من القصص حول موت كل من مارك أنطوني وكليوباترا؛ حيث يقال إنه على أثر الهزيمة أرادت كليوباترا كسب أوكتافيو إلى صفها، وأن تستخدم سحرها للتأثير عليه كما فعلت مع كل من يوليوس قيصر ومارك أنطوني، فأرسلت كليوباترا رسالة إلى مارك أنطوني تُخبره بأنها قد قتلت نفسها لكي تدفعه إلى الانتحار! وهو ما حدث بالفعل. بعدها قامت بإرسال رسالة إلى أوكتافيو لاستمالته، إلا أنه قد أصابه الحزن بسبب موت أحد رفاقه، وزوج أخته، فعزم على أخذ كليوباترا أسيرة وإذلالها في شوارع روما، وهو ما كان من المستحيل أن تقبله كليوباترا؛ لذا فضَّلت الموت عن الأسر.
نجحت كليوباترا في أن تحصل على ثعبان كوبرا، المعروف بالصِّلّ المصري لتموت بلدغة سامة، وكانت أفعى الكوبرا في الأساطير المصرية خادمة إله الشمس رع. كما كانت رمزاً ملكياً وُضِع على غطاء رأس الملك وعلى مقدمة التيجان ليحميها من الشر.
هناك العديد من البعثات الأثرية التي عملت في معبد تابوزيريس ماجنا منذ عام 1905 ميلادية، أي منذ أكثر من 120 سنة. أحدثها كانت البعثة المجرية التي قامت بالحفائر هناك، وقد عثرت على بعض العناصر المعمارية. بدأتُ الحفائر مع الدكتورة جاكلين مارتينيز في عام 2005؛ حيث عثرنا على العديد من الأنفاق والحجرات وتماثيل ومومياوات والكثير من العملات البرونزية التي تعود لعصر الملكة كليوباترا، ولا يزال العمل مستمرّاً، وغداً نكتب في التاريخ بأننا كشفنا سر الملكة كليوباترا.