التراث الأثري نعمة أم نقمة

التراث الأثري نعمة أم نقمة!

التراث الأثري نعمة أم نقمة!

 العرب اليوم -

التراث الأثري نعمة أم نقمة

بقلم : دكتور زاهي حواس

مما لا شك فيه أن البلدان ذات التاريخ الضارب في عمق الزمان تتباهى أمام الأمم بما عندها من تراث حضاري، وما تملكه من آثار تحاول استثمارها بالشكل الأمثل، لتحقيق دخل مناسب من خلال السياحة يساعدها على التنمية، وفي الوقت نفسه الإنفاق على متطلبات الحفاظ على ما تملكه من تراث أثري، سواء ببناء المتاحف أو تنظيم وحماية المواقع الأثرية والإنفاق على متطلبات الصيانة والترميم. وفي الحقيقة أن التراث الأثري ليس في كل الأوقات نعمة على البلدان التي تملكه! ففي حال أسيئت إدارته فإنه يتحول بالتبعية إلى عبء ونقمة على بلاده! وليس العيب بالطبع في وجود الآثار، ولكن في كيفية الحفاظ عليها وإدارتها. إن مصر على سبيل المثال تعرّضت لما يمكن أن نسميه بعمليات التجريف، وليس فقط النهب لآثارها وكنوزها الأثرية منذ القرون الوسطى وحتى العصر الاستعماري الحديث بعد حملة نابليون على مصر التي جذبت انتباه غزاة الغرب إلى ما تمتلكه مصر من كنوز وآثار. ولم تستحيِ تلك الدول الاستعمارية من الاتجار في تراثنا الحضاري ونهبه، سواء ببيعه أو بتزيين متاحفهم أو قصورهم به. وعلى الرغم من ذلك فكان من الواضح أن آثار مصر أكبر وأعظم من أن تفنى، ولذلك ما زالت مصر تمتلك آلاف المواقع الأثرية وملايين القطع الأثرية سواء في المتاحف أو المخازن.

هذا الكم الكبير من الآثار يحتاج إلى مصدر تمويل لا ينضب، لضمان استمرار الإنفاق على بناء المتاحف والمخازن المؤمّنة وتطوير المناطق الأثرية في شمال البلاد وجنوبها. وعلى الرغم من صعوبة المهمة فقد تبنّت مصر مشروع الاستدامة في عمليات الحفظ والصيانة والتطوير لمواقع الآثار والمتاحف. والنتيجة التي يستطيع كل زائر إلى البلاد أن يلمسها هي أن متاحف مصر أصبحت تنافس المتاحف العالمية وتتفوق عليها، والحديث ليس فقط عن المتحف المصري الكبير الذي سيتم افتتاحه خلال أيام قليلة، وإنما نتحدث عن عدد كبير من المتاحف؛ مثل: متحف الحضارة في الفسطاط، والمتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية بعد تطويره وافتتاحه، ومتحف المجوهرات، ومتحف المركبات، ومتحف التماسيح بكوم أمبو، ومتحف الغردقة، ومتحف شرم الشيخ، وغيرها الكثير من المتاحف القومية والمتخصصة. كذلك شمل التطوير تطبيق منظومة إدارة المناطق الأثرية في عدد كبير من المواقع التراثية المهمة، وبعضها على قائمة التراث العالمي، مثل أهرامات الجيزة التي هي جزء من موقع الجبانة المنفية المسجلة بوصفها أكبر موقع تراث عالمي على قائمة «اليونسكو».

خلاصة الحديث أن وجود التراث الأثري يستلزم نوعاً خاصاً من الإدارة للحفاظ عليه، وجعله مصدراً يدر دخلاً يساعد ليس فقط في التنمية وإنما في توفير الدخل المادي المناسب للإنفاق على عمليات الصيانة والحفظ. وهذا هو الحل الوحيد لكيلا تتحول الآثار إلى نقمة على بلادها. وهناك أمر في غاية الأهمية، وللأسف لا تلتفت إليه كثير من الدول، وهو تنظيم أعمال الكشف عن الآثار! إنها حقاً جريمة مكتملة الأركان تلك التي ترتكبها بعض الدول والتي تشجع عليها، سواء بعثاتها أو البعثات الأجنبية للحفر واستكشاف الآثار بأرضها، طمعاً في ظهور اكتشافات أثرية يتم الإعلان عنها وتحقيق دعاية من خلالها، للترويج للسياحة أو ما شابه ذلك! إنها جريمة لأننا نقوم بتجريف المواقع ولا نترك شيئاً للأجيال القادمة، على الرغم من أنهم سيكونون أكثر علماً وتقدماً منا، وسيكون لديهم من الوسائل العلمية ما يمكّنهم من الحفاظ على الآثار المكتشفة بفاعلية تفوق ما نقوم به بإمكاناتنا المتوفرة. إن الإدارة هي التي تحدد هل التراث الأثري نعمة أم نقمة.

arabstoday

GMT 05:42 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

خمسون سنة ألقاً

GMT 05:22 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تأثير العقوبات على روسيا بين أخذٍ وردّ!

GMT 05:21 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

استنساخ الماضي يخدشه ويؤذي الحاضر

GMT 05:19 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

نساء السودان... ضحايا وحشية الحرب

GMT 05:08 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

«اللوفر» وانتهاك هيبة فرنسا

GMT 05:06 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

من الصمود إلى الجدارة

GMT 05:03 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

شلقم في مذكراته... المثقف الذي أفْلَتَ من الموظف

GMT 05:00 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

«حماس» والحاجة لإعادة ترتيب بيتها وخطابها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التراث الأثري نعمة أم نقمة التراث الأثري نعمة أم نقمة



النجمات يتألقن ببريق الفساتين المعدنية في مهرجان الجونة 2025

الجونة ـ العرب اليوم

GMT 13:40 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة قرون
 العرب اليوم - الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة قرون

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

وائل جسار يكشف حقيقة رفضه ألبوم محمد فؤاد بسبب الأجر
 العرب اليوم - وائل جسار يكشف حقيقة رفضه ألبوم محمد فؤاد بسبب الأجر

GMT 01:41 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب مناطق إسلام آباد

GMT 08:32 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد شخص باستهداف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية جنوب لبنان

GMT 08:15 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 4.5 درجات يضرب موغلا جنوب غرب تركيا

GMT 09:41 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

فضل شاكر في المحكمة وسط إجراءات مشددة

GMT 23:44 2025 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

6 مشروبات صحية ثبت علميا أنها تخفض مستويات السكر في الدم

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كوريا الشمالية تطلق صاروخاً باليستياً

GMT 04:28 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلى يكشف عن هوية جثمان الرهينة الثانية

GMT 02:08 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

إلغاء مباراة برشلونة وفياريال في ميامي

GMT 04:16 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

إخلاء مبنى الكابيتول في وايومنغ بسبب عبوة ناسفة

GMT 02:32 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الأوكراني يستهدف مصنع كيماويات جنوبي روسيا

GMT 02:05 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تراجع مخزونات النفط في الولايات المتحدة

GMT 01:58 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب سواحل الإكوادور بقوة 5.6 درجة

GMT 02:34 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تتهم أستراليا بـ"انتهاك جوي" في بحر الصين الجنوبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab