ارفعوا أيديكم عن الكرواسون

ارفعوا أيديكم عن الكرواسون

ارفعوا أيديكم عن الكرواسون

 العرب اليوم -

ارفعوا أيديكم عن الكرواسون

بقلم : إنعام كجه جي

 

هو ألذ ما يتناوله القوم هنا في فطور الصباح مع القهوة بالحليب. يحب الفرنسيون فطيرة الكرواسون ويقصدون خبّاز الحي خصيصاً لشرائها ساخنة مع الشعاع الأول. هذا إذا تكرمت الشمس وأشرقت في الصقيع الحالي. يحافظون على هذا التقليد ويتوارثونه وينافحون عنه مثل رمز قومي.

وخبازو فرنسا ممتعضون هذه الأيام. وهم يقفون صفاً واحداً ضد العبث بهذه العجينة وبمذاقاتها. وتزداد الغضبة ضراوة حين يأتي العدوان من الإنجليز، جيرانهم الألداء. ففي الضفة المقابلة من بحر المانش يتعرض الكرواسون لتحويرات كأنها مؤامرة. هذا ما سجله الخبراء في تقاريرهم. ذلك أن للمعجنات خبراء وطهاة ومتحدثين بلابل في قنوات التلفزيون. يقولون إن خصومهم المتطفلين على الكرواسون يجعلونه مالحاً حيناً، أو محشواً بالخضراوات، أو ملفوفاً على شرائح من سمك السالمون والمقانق. وهذا، لعمري، تلاعب يظنه الإنجليز تجديداً وابتكاراً بينما هو في عرف الفرنسيين هرطقة واعتداء على الهلال الهش المعجون بالزبدة والمفرود بنشابة الولع.

في مقال يحتل نصف صفحة من صحيفة يومية باريسية، تتساءل المحررة: «ماذا يحدث بحق الجحيم للكرواسون في إنجلترا»؟ والمقال مملوء بأوصاف مثل: هجين، مُتحوّل، مسخ، مُفكك، بدعة، حتى يكاد يعجز القاموس عن ضخّ مزيد من المترادفات. إنها تعيب على مرتادي مواقع التواصل ترويجهم لتلك النسخ المشوهة من «فخر الفطور الفرنسي» وتهافت الشباب على الإبداعات الهجينة الآتية من وراء الحدود.

لا تنقم المحررة على الإنجليز وحدهم، بل تكيل التهم لطاهٍ فرنسي يدعى دومينيك أنسل، افتتح في حي «سوهو» مخبزاً يقدم أنواعاً مُحورَة من الكرواسون. يقف الزبائن طوابير لكي يتذوقوا «إبداعاته»، أي «جرائمه» في حق تراث بلاده. تلك خيانة عظمى. ومن لندن انتقلت التقليعة إلى نيويورك وصار لها مريدوها هناك. هي إذن حرب عالمية، لا سيما وأن الهنود دخلوا على الخط وافتتح أحدهم مطعماً يقدم الشاي مع عجينة تخلط بين الكرواسون والسمبوسة اللاذعة المحشوة بالخضراوات. ثم جاء آخر وراح يقدم الكرواسون بالآيس كريم، وثالث يقترحه مربع الشكل، أو بحجم مضاعف، وضاعت الطاسة.

كل هذه المعمعة وهذه المخبوزة ليست فرنسية في الأساس، بل جاءت من النمسا. عجينة مورقة اسمها الأصلي «كيبفيرل». اتخذت شكل الهلال بعد حصار العثمانيين لفيينا في عام 1683. وتقول الأسطورة إن خبازاً يدعى آدم سبيل استيقظ قبل الفجر لتهيئة العجين وهو من أعطى الإنذار بأن الأتراك قادمون. استعد أهل المدينة لهم وجرى صدّهم. وتكريماً له صنعوا هذه الفطائر الصغيرة. ومن فيينا انتقلت إلى باريس وظهرت المخابز التي تدعى «فيينوازري»، نسبة إلى فيينا. وما زالت التسمية موجودة. أما الكرواسون بنسخته الحالية فقد رأى النور على يد الخباز سيلفان كلوديوس غوي عام 1915. وسارت الأمور على ما يرام حتى مد الإنجليز أنوفهم المدببة وتورطوا فيما لا يعنيهم.

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارفعوا أيديكم عن الكرواسون ارفعوا أيديكم عن الكرواسون



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab