بقلم : سليمان جودة
نظرة شاملة على خريطة العالم أمامك تقول لك، إن عملية من التسخين تتواصل فى أنحاء الخريطة، وأن نارها لا تكاد تصل إلى مكان قريب هنا، حتى تكون قد تمددت إلى موقع آخر بعيد هناك. أما الطرف الذى يقف وراء العملية كلها ويغذيها فيمكن تخمينه بسهولة.
فاليابان استدعت السفير الصينى احتجاجاً على تهديد مقاتلات عسكرية صينية، والخبر فى القصة ليس أن الصين تهدد اليابان بمقاتلات عسكرية، ولا الخبر أن اليابان استدعت السفير الصينى، ولكن الخبر أن الحكومة فى طوكيو أعلنت أنها مصابة بخيبة أمل فى الولايات المتحدة الأمريكية، التى لا تتوقف عن الكلام عن تحالفها الوثيق مع اليابان، ومع ذلك، فإن الدعم الأمريكى لليابانيين فى الأزمة مع الصينيين لا وجود له ولا أثر !
فإذا انتقلنا من الأزمة الصينية اليابانية المشتعلة، اكتشفنا أن الاشتباكات التى كانت قد توقفت بين تايلاند وكمبوديا بوساطة أمريكية عادت من جديد وبأشد مما كانت عليه، وقد وصلت فى حدتها إلى درجة أن تايلاند استهدفت الأراضى الكمبودية بغارات جوية.
الغريب أن الرئيس الأمريكى كان قد وضع الاتفاق الذى رعاه بين البلدين فى ملف يتقدم به كل صباح للحصول على نوبل للسلام !
وإذا غادرنا اليابان والصين، ومن بعدهما تايلاند وكمبوديا، وجدنا أنفسنا أمام حرب واسعة توشك أن تقع بين باكستان وأفغانستان.. كانت اشتباكات حدودية قد اندلعت بينهما قبل فترة، وكانت الاشتباكات قد أسقطت العشرات من القتلى والمصابين، وكان البلدان قد ذهبا إلى مائدة للحوار والتفاوض، ولكن محاولات التوفيق بينهما فشلت، وعادت الاشتباكات أعنف من الأول كما هو الحال بين تايلاند وكمبوديا!
ولا جديد فى الحرب الروسية الأوكرانية التى ألمحت الإدارة الأمريكية من طرف خفى إلى أنها يمكن أن تنفض يدها من الوساطة فيها.. أما حرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين فى غزة فهى متواصلة، وليس اتفاق وقفها الذى جرى توقيعه في 13 أكتوبر سوى حبر على ورق!
بقى أن نعرف أن الولايات المتحدة طرف ظاهر فى هذا كله مرة، وطرف غير معلن مرةً ثانية، فهى تعيش على إشعال الخلافات بين الدول تارة، والنفخ فى الخلافات داخل الدول نفسها تارة أخرى.. وإذا اعتقدنا أن هذا غير قائم، فإننا نُحسن الظن بها أكثر من اللازم.