دمشق العائدة على مرحلتين

دمشق العائدة على مرحلتين

دمشق العائدة على مرحلتين

 العرب اليوم -

دمشق العائدة على مرحلتين

بقلم: سليمان جودة

كلما قرأت شيئاً عن رغبة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، تذكرت أحمد داود أوغلو، وزير خارجية تركيا رئيس وزرائها الأسبق، الذي كان نجماً سياسياً في سمائها لسنوات.

كان أوغلو قريباً من إردوغان، وكانا رفيقين في العمل السياسي، وكان يوصف بأنه «فيلسوف حزب العدالة والتنمية»، الذي لا يزال إردوغان يحكم تحت مظلته إلى اليوم.

ولكن جاء وقت افترق فيه الرفيقان بعد أن باعدت بينهما السياسة، واتجه أوغلو إلى التأسيس لحزب جديد يرأسه هو، وقد أسسه بالفعل وخرج الحزب إلى النور، وصار جاهزاً للمنافسة في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة.

ولكن صاحب «تصفير المشكلات» لم يأخذ معه نظريته عندما ذهب، وإنما بقيت من بعده نهجاً للرئيس التركي الذي أصبح يستوحيها كلما وجد نفسه مدعوّاً إلى النظر في علاقات بلاده السياسية مع دول الجوار وغير دول الجوار.

وتكفي نظرة عابرة على ما كان بين أنقرة وعدد من عواصم المنطقة من حولها قبل سنوات، وما صارت إليه الحال بينها وبين العواصم نفسها في هذه المرحلة؛ فمن قبل كان الخصام والتوتر العنوان لعلاقات الطرفين، ومن بعد انقلب الخصام إلى تعاون، والتوتر إلى علاقات طبيعية، وطوت تركيا الصفحة القديمة تماماً، وبدأت صفحة تبدو مغايرة كلياً لما كانت سياساتها الخارجية تمضي عليه في سنين مضت.

ومن بين دول الجوار المباشر وغير المباشر بقيت سوريا وحدها بعيدة عن متناول يد «نظرية أوغلو»، ومع مرور الوقت بدا إردوغان راغباً في ضم دمشق إلى بقية العواصم التي تولى هو «تصفير مشكلات» بلاده معها، عاصمةً من بعد عاصمة. ولكن العاصمة السورية تبدو من ناحيتها متحفظة في أي رد يخرج عنها، وتظهر كأنها تتدلل أو تتمنع عن الاستجابة لإشارات إردوغان. فأنقرة لا تتوقف عن إرسال عبارات من الغزل السياسي الواضح إلى دمشق، ولكن الأخيرة تتباطأ في الاستجابة وتحسب خطواتها، وعندما وجدت أن عليها أن تتجاوب، قالت إن أي تطبيع سياسي للعلاقات مع الأتراك تَلزمه عودة الأوضاع على الحدود التركية - السورية إلى ما قبل 2011.

وإذا كان الرئيس التركي يبدو في عجلة من أمر لقائه الرئيس السوري، فالأخير لا يرى داعياً إلى التسرع؛ لأن من شأن ذلك أن يجعل البلدين يقفزان فوق ما لا يجب القفز فوقه في علاقاتهما، فتصبح العلاقات العائدة واقفة بالتالي فوق أرض غير مستقرة.

وفي طريق عودته من قمة «حلف شمال الأطلسي» التي عُقدت في واشنطن يوم 9 يوليو (تموز) الحالي، كان إردوغان قد أبدى استعداده للقاء الأسد في تركيا أو في أي مكان، وكان قد قال للصحافيين المرافقين له على طائرته إنه كلف وزير خارجيته، هاكان فيدان، العمل على إتمام اللقاء، وإنه يرغب أن ينعقد في أسرع وقت ممكن.

ولأنه يعرف أن الولايات المتحدة وإيران لا يسعدهما التقارب التركي - السوري، فإنه راح يسترضيهما ويقول إنهما يجب ألا ينزعجا مما يسعى إليه، وإن إنهاء المعاناة السورية لا بد من أن يكون مما ينال تأييدهما ومباركتهما. وكان من المفترض أن يستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمة تركية - سورية، ولكنه، لسبب غير مفهوم، أبعد نفسه عن الموضوع، وقال إن عقدها على الأراضي التركية ربما يكون أفضل.

وليس من المنطق في شيء أن يذهب الأسد إلى مثل هذه القمة بينما القوات التركية تحتل أرضاً في شمال البلاد، ولذلك؛ فإن دعوته إلى عودة الأمور على الحدود إلى طبيعتها قبل 2011 معناها أن تخرج هذه القوات ثم تلتئم القمة لا العكس، وإلا؛ فإن العلاقات تعود على غير أساس.

لقد جاء وقت كنا نتساءل فيه عما إذا كانت الأوضاع في شمال سوريا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه قبل ما يسمى «الربيع العربي»، ولم نكن ننتبه إلى أن من مبادئ الحياه الثابتة أن أوضاعاً مقلوبة فيها تصحح نفسها بنفسها، وأن مرور الوقت قد يكون نوعاً من العلاج، وأن ذلك يسري على الأشخاص، وأيضاً يجري على الدول. وقد حدث ذلك مع سوريا، وهو يحدث على مرحلتين؛ إحداهما حين عادت إلى جامعة الدول العربية في القمة العربية التي عُقدت السنة الماضية في السعودية. والأخرى ستكون عندما ينجح مسعى إردوغان.

صحيح أن الوقت لا يمر دون ثمن، وأن مرور ما يزيد على عقد من الزمان منذ هبوب رياح «الربيع» قد نال من سوريا الكثير جداً، لكن الأهم أن تعود سوريا التي عرفناها؛ لأن غيابها بوطأةٍ من أحداث ذلك «الربيع» قد جنى على المنطقة؛ ولأن في حضورها ما يعزز من فرص السلام في منطقة طال شوقها إليه.

إنني أفرق هنا بين الحكومة في سوريا، وسوريا نفسها بصفتها وطناً لكل سوري؛ لأن الحكومة التي تأتي إلى مقاعد السلطة تذهب عنها مهما طال بقاؤها، ولكن الوطن لا يذهب؛ لأنه إذا ذهب فهو في الغالب لا يعود.

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دمشق العائدة على مرحلتين دمشق العائدة على مرحلتين



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
 العرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 15:46 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
 العرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي
 العرب اليوم - جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 03:55 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع في واشنطن ضمن زيارة رسمية يجتمع خلالها مع ترامب

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 11:15 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيفا يطلق جائزة للسلام وسط توقعات بفوز ترامب

GMT 11:55 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"أوبن أيه آي" تسارع لطمأنة المستثمرين بشأن وضعها المالي

GMT 14:33 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 وصفات طبيعية لإزالة السموم ودعم وظائف الكلى

GMT 19:39 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 08:23 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج​ اليوم السبت 08 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

GMT 12:00 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

روبوت يرسم خرائط ثلاثية الأبعاد في ثوانٍ لأماكن الكوارث

GMT 13:38 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية تستهدف جنوب لبنان وتودي بحياة مواطن

GMT 08:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تتأثر الأبراج الفلكية على طريقة تعبيرها عن المشاعر

GMT 22:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تبدأ تقليص استدعاءات جنود الاحتياط

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab