بقلم : سليمان جودة
تقريبًا لا توجد علاقة خاصة بين دولتين فى العالم، كالعلاقة التى تربط الولايات المتحدة الأمريكية مع بريطانيا.. وهناك الكثير الذى يشير إلى هذا المعنى ويؤكده.
ومن علامات ذلك أن السياسة البريطانية حول العالم هى نفسها السياسة الأمريكية، فإذا وقع بينهما خلاف أو اختلاف ففى هامش ضيق لا يكاد يُذكر، وإذا قيل إن هناك تطابقًا بين سياستين فلن يكون إلا بين السياستين فى البلدين تجاه ما يجرى فى أنحاء الأرض.. فهل لهذا السبب كانت واشنطن متحمسة لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوربى؟.. ربما.. فلا توجد دولة فى أوربا إلا وتشعر بدرجة من الاستقلالية فى سياستها الخارجية عن السياسة الأمريكية، وتظل فرنسا تتقدم أوربا فى هذا التوجه، إلا بريطانيا التى ترى ما تراه أمريكا على الدوام.
الغريب أن الإنجليز كانوا يحتلون الولايات المتحدة قبل نشأتها، وقد كان هذا أدعى إلى أن تكون بينهما مساحة فى السياسات الخارجية، ولكن هذا لم يحدث فى أى وقت منذ أن أخذت واشنطن مكان لندن فى الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية.
ولم يكن الإنذار الذى وجهه الرئيس الأمريكى أيزنهاور ضد أطراف العدوان الثلاثى علينا فى ١٩٥٦، إلا رغبة فى إفساح المجال أمام بلاده فى المنطقة هنا، ثم رغبة فى أن تغادر بريطانيا وفرنسا بعد أن انتهى زمانهما الإمبراطورى.
وإذا كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة هى التى تتولى الفعل فى منطقتنا، فليست هى التى تفكر قبل أن تفعل، وإنما الإنجليز هُم تقريبًا الذين يفكرون لها!.. وفى أيام أن كان هنرى كيسنجر يقوم برحلاته المكوكية إلى المنطقة كان يمر على عاصمة الضباب فى الذهاب وفى الإياب!.. وكان ذلك من نوع التنسيق بين المخ والعضلات!
وعندما فرض ترامب رسومه الجمركية فى ٢ إبريل لم يشأ أن يستثنى بريطانيا، فلما فرض عليها عشرة فى المائة لم تغضب حكومة الملك فى لندن كما غضبت بقية حكومات العالم، وقال السير كير ستارمر، رئيس الحكومة، إن حكومته لن ترد على حكومة ترامب بالمثل.. كما فعلت الحكومة الصينية مثلًا.. وأضاف ستارمر أن كل ما سوف يفعله أنه سيسعى إلى تفاهم مع الأمريكيين!
وقد خرج الرئيس الأمريكى ليقول إن بلاده ستوقع اتفاقًا تجاريًا مع بريطانيا، وإن الاتفاق سيكون شاملًا وكاملًا.. ولم يحدث شىء مماثل أو حتى مشابه بين الولايات المتحدة وأى دولة منذ أن جرى فرض الرسوم.. وهذا ما يؤكد المؤكد بين البلدين!