بقلم: سليمان جودة
بات العالم أمس الأول يأكله القلق والحيرة، وكان السبب أن الرئيس ترامب كتب على منصته الاجتماعية الخاصة أنه بصدد الإعلان عن خبر ضخم له تأثيره الكبير.
وقد قضى العالم ليلته يضرب أخماسًا فى أسداس، ويحاول تخمين الخبر الذى لم يكشف عنه سيد البيت الأبيض فى البداية، ولا حتى كشف عن شىء من طبيعته، أو ملامحه، أو معالمه... فكل ما قاله أن الخبر سيكون الأهم له منذ أن دخل البيت الأبيض.
وقد ذهب قوم إلى أن الخبر يتعلق بالاتفاق التجارى بين الولايات المتحدة والصين، ولكن تبين أن ذلك ليس هو الخبر الذى يقصده ترامب، لأن الوفدين الأمريكى والصينى أعلنا بعد جلسة التفاوض فى جنيف أنهما توصلا إلى اتفاق تجارى بين البلدين، وقالت منظمة التجارة العالمية إن الاتفاق خطوة عظيمة لها تأثيرها الممتد على العالم، وبالتالى لم يعد الأمر من بين الأسرار أو الأخبار المرتقبة.
وذهب قوم آخرون إلى أن الخبر المقصود هو الإعلان عن اتفاق بين أمريكا وإيران حول برنامجها النووى، ولكن اتضح أن هذا ليس هو الخبر، لأن جلسة التفاوض الرابعة بينهما انتهت فى مسقط، وقالت الحكومة العُمانية أنها بصدد الإعلان عن موعد الجلسة الخامسة... فلا خبر هنا إذنْ ولا يحزنون!.
ولم يكن أمام المُخمنين سوى أن يخمنوا أن الخبر المقصود هو اللقاء الذى سيجمع الرئيس الروسى بوتين مع الرئيس الأوكرانى زيلينسكى فى تركيا... ولكن تبين أيضًا أن هذا ليس هو الخبر، لأن اللقاء سيكون يوم الخميس، بينما ترامب قال إنه سيعلن الخبر خلال ساعات قليلة... ثم إن لقاء بوتين مع زيلينسكى صار معروفا ولم يعد خبرًا فى الغيب يتوقعه أحد... وحتى خبر الاتجاه إلى وقف الحرب الروسية الأوكرانية أعلنه زيلينسكى ولم يعد سرًا!.
ثم ذهب المخمنون إلى أن الخبر المرتقب ربما يكون وقف الحرب فى غزة، ولكن سرعان ما تبين أنه حتى لو كان هذا هو الخبر، فإن ترامب لا يضمن أن تلتزم حكومة التطرف فى تل أبيب برئاسة نتنياهو بما سوف يعلنه... وقد خمن المخمنون أن الخبر قد يكون اعتراف واشنطن بالدولة الفلسطينية خلال زيارة ترامب إلى الخليج كما قيل وتردد إعلاميًا... ولكن ما العمل إذا كان مايك هاكابى، سفير الولايات المتحدة فى إسرائيل، وصف هذا التوقع بأنه سخيف؟... وفى النهاية استيقظنا على أن الخبر هو خفض تكلفة الرعاية الصحية للأمريكيين لأسعار غير مسبوقة!.
وهكذا... قضى العالم ليلته يقرأ الفنجان دون جدوى... أما ترامب فلقد نام «ملء جفونه» كما قال شاعرنا أبو الطيب المتنبى!.