بقلم : فاروق جويدة
أصعب أنواع الألم أن لا تعرف أسبابه، إنه يزورك بلا موعد وتشعر به ولا تراه، إنه يهددك فى كل وقت وأنت لا تعرف كيف تسلل إليك.. والألم أنواع، هناك ألم الجسد قد تعرف أسبابه وتسعى للعلاج، وهناك ألم الروح وهو زائر مجهول، وأخطر ما فيه أنه يحتوى الإنسان كله، وهو صعب العلاج لأنك لا تعرف مصدره وأسبابه.
ومن أسوأ الآلام أن تغيب عنك الحقيقة، ويستخف بك الجهلاء، وتجد نفسك أمام أشياء بلا هدف أو معنى. والألم زائر يقتحم بيتك وجسدك وفكرك، وقد تفرضه عليك كيانات بشرية ينقصها الفكر والفهم والإحساس.
أحيانًا تجد حولك حشودًا من الجهل تحاصرك، ويتوه صوتك وسط الصراخ، ولا تملك غير أن تتألم. وأصعب الأشياء أن يعتدى أحد على يقينك وقناعاتك، ويلقى بك فى وحشة الألم.
والحياة نصفها ألم، والبشر حولك ليس لديهم غير الألم، ولا حل أمامك غير أن تطرد الهواجس البشرية التى تصدر لك الألم كل ساعة..
إذا كان الألم من الناس فلن تخسر كثيرًا إذا ابتعدت، وإذا كان من الجهل فليس لك حظ مع الجهلاء، وإذا كان ألمًا فى الجسد فلا تحزن، لأن الأشجار تشيخ والناس أيضًا.
يزعجنى كثيرًا أن أجد كل الأشياء حولى يحيطها الألم، جهل ونفاق وجراح .. كيف تعاتب الألم وهو قدرك، مع عالم فقد العقل، وخاصم العقلاء، وأغلق أبواب الرحمة.
حين يصبح الألم زادًا يوميًا وميراثًا تتناقله الأجيال، لا تجد وطنًا آمنًا تعيش فيه، ولا تجد حلمًا يؤنس وحدتك، ولا ناسًا يخففون الألم.
إذا زادت حولك حشود الألم جسدًا وروحًا وفكرًا، اهرب إلى نفسك، إنها مصدر الحماية الوحيد من عشوائية البشر.