دعوة للإصلاح أم للفوضى

دعوة للإصلاح أم للفوضى؟

دعوة للإصلاح أم للفوضى؟

 العرب اليوم -

دعوة للإصلاح أم للفوضى

بقلم - فاروق جويدة

الخلاف فى الرأى حق مشروع فى قضايا الفكر وتعدد الرؤى، وفى حياة الشعوب تبقى تعددية المواقف أحد الجوانب المهمة التى تعكس حيوية الشعوب وقدرتها على التنوع والإبداع .. وإذا كان اختلاف الآراء والأفكار حقا فإن لغة الحوار هى التى تضع ضوابط الاختلاف، وإذا كان الاختلاف حقا فإن للثوابت قدسية خاصة لأنها تمثل إحدى الدعائم الأساسية فى استقرار الشعوب، لأن ضرب الثوابت يمكن أن يفتح أبواب الفتن وانقسامات المجتمعات وانفلات الرؤى والأفكار.. أقول ذلك وأنا أتابع حالة الفوضى الفكرية التى اجتاحت بعض رموز النخبة المصرية، وفتحت أبوابا للخلافات والانقسامات التى تهدد المجتمع وثوابته.

ــــــ منذ سنوات والنخبة المصرية تعانى حالة من الفوضى التى تفتح أبواب الفتن وتنشرها وتقسم المجتمع، وقد اختارت قضايا الدين مجالا للصراعات تحت دعوى إصلاح الخطاب الدينى، وإذا كان الاجتهاد من أهم الجوانب المشروعة فى ديننا الحنيف فإن للاجتهاد أصولا تحكمه.. أولها أن الاجتهاد حق لمن يعرف بحيث يخضع لمجموعة من القواعد حتى لا تتسلل لهذه الثوابت رغبات أو أهواء أو مصالح ..

ــــــ لا أتصور أن يفتى إنسان فى الدين وهو لا يجيد لغته العربية، أو أن يفسر آية فى القرآن الكريم وهو لا يجيد تلاوتها الصحيحة، أو أن يقول رأيا فى الدين وهو لا يعرف أصوله، أو أن يتطاول على رمز من رموز العقيدة وهو لا يعرف تاريخه، أو أن يسيء قولا وفعلا إلى أشخاص حملوا للبشرية زادا من العلم والإيمان والتقوى .. كيف يتجرأ إنسان على دين لا يعرف حدوده، كيف يشارك فى الحوار حول الدين من يطعن فى أحاديث رسولنا الكريم، ويشكك فى صحابته.. مثل هذه الأفكار المريضة والمضللة لا يمكن أن تكون اجتهادا أو إصلاحا للخطاب الدينى لأنها دعوات للفتن والاعتداء على مقدسات الناس، وهى من أسوأ الطرق لإفساد المجتمعات وتضليلها..

ــــــ إن بعض الوجوه التى تتصدر المشهد وتدعو إلى تخليص الدين من الشوائب والمسلمات وتشكك فى رموزه جميعها تفتى بغير علم .. هنا أتوقف عند المؤسسة التى أعلن تشكيلها أخيرا فى مصر تحت دعوة إصلاح الفكر الدينى، وهذه الجماعة تثير تساؤلات كثيرة ..

◙ أولا: إن أعضاء الجماعة ليسوا غرباء عن الساحة سواء فى تاريخهم أو آرائهم أو شخوصهم أو تعليمهم، فكثير منهم ليس له فى الدين دراسة أو علم وقد تجاوزوا كثيرا فى مناسبات ومواقف ومعارك سبقت رغم أن ما عرضوه فى السنوات الماضية من مواقف كان يكفى للتصدى لتلك الأفكار.

◙ ثانيا: كان ينبغى فى أول اجتماع للجماعة أن تعلن عن مصادر تمويلها منعا لإثارة اللغط حول تلك النقطة. كما أنه لا يمكن البحث حول هذه الجماعة دون فتح ملفات ما يتعرض له الشباب من محاولات التشويه والالحاد أمام الغزو الثقافى والسلوكى ودعوات الإلحاد والشذوذ.. إن الدعوات المغرضة التى تصل فى بعض الاحيان الى حذف آيات من القرآن وتشويه صورة الصحابة وإصدار قرآن جديد كلها دعوات صريحة للفتن..

◙ ثالثا: لا أعتقد أن العالم العربى فى حاجة إلى المزيد من الانقسامات وأن مصر فى ظروفها الحالية تحتاج إلى من يوحد كلمتها ولا ينشر الفتن بين شعبها، وفى ظل وجود نحو ٣٠ مليونا لا يقرأون ولا يكتبون يصبح الاعتداء على قدسية الدين دعما لموجات الإلحاد التى تطارد شبابنا فتجعله حائرا بين جماعات الإلحاد وجماعات الإرهاب، وهنا لابد أن نكون على وعى بكل ما يحيط بنا أمنيا وسياسيا ودينيا .. إن المجتمع المصرى وطن لا يفرق بين أبنائه، دينا أو انتماء، فلماذا تنطلق مثل هذه الدعوات الآن؟

 

..ويبقى الشعر

 

يَقـُولـُونَ : سافرْ ..

وَجَرِّبْ وَحَاولْ

ففوقَ الرُّءوس .. تـَدُورُ المعَاولْ

وَفى الأفـْق غـَيْمٌ .. صُراخٌ .. عَويلْ

وفِى الأرْض بُرْكانُ سُخْط طويلْ

وفوقَ الزُّهُور يَمُوتُ الجَمَالْ ..

وتـَحْتَ السُّفوح .. تئنُّ الجـِبَالْ

وَيخـْبُو مَعَ القهْرعَزْمُ الرِّجَالْ

ومَا زلتَ تحملُ سيفـًا عتيقـًا ..

تصَارعُ بالحُلم .. جيشَ الضَّلالْ

***

يَـقـُوُلونَ : سَافرْ ..

فمهْما عَشِقـْتَ

نهاية ُ عشقِكَ حُزنٌ ثقِيلْ

ستغـْدُو عَليْها زمَانـًا مُشَاعـًا

فـَحُلمُكَ بالصُّبح وهْمٌ جَميلْ

فكلُّ السَّواقِى التى أطرَبَتـْكَ.. تـَلاشى غنـَاهَا

وكلُّ اللَّيالى التى اسْعَدَتْكَ .. توارَتْ خُطَاهَا

وكلُّ الأمَانِى التى أرَّقتـْكَ .. نسيتَ ضيِاهَا

ووجْهُ الحَياةِ القديمُ البريءْ

تكسَّر مِنـْك .. مَضَى .. لن يجيءْ

***

 

يَقـُولـُونَ : سَافِرْ ..

فـَمَهْمَا تـَمادَى بكَ العُمْرُ فيهَا

وَحَلــَّـقتَ بالنـَاس بَيْنَ الأملْ

سَتـُصْبُح يَومًا نـَشِيدًا قـَدِيمًا

وَيطـْويكَ بالصَّمْتِ

كهْفُ الأجَلْ

زَمانـُكَ ولـَّى وأصْبَحْتَ ضيْفـًا

وَلـَنْ ينجبَ الزَّيفُ ..إلا الدَّجَلْ ..

***

 

يقولونَ سافرْ ..

ولا يَعلمونْ

بأنيِّ أموتُ ... وهُمْ يضحكوُنُ

فمازلتُ أسمَعُ عنـْك الحكايَا

ومَا أسْوأ الموْت بَيْنَ الظنونْ

وَيُخفيك عنى ليلٌ طويل

أخبّئ وَجْهَك بينَ العُيونْ

وتـُعطينَ قلبَك للعَابثينَ

ويشْقـَى بصدِّك منْ يُخلصُونْ

وَيُقصيك عنِّى زمانٌ لقيط

ويهنأ بالوصْل ... منْ يخدعُوْن

وأنثر عُمْرى ذرَّاتِ ضَوْءٍ

وأسْكـُب دَمى .. وَهمْ يسْكرُونْ

وأحْملُ عَينيكِ فى كلِّ أرْضٍ

وأغرسُ حلـْمى ..وهَمْ يَسْرقونْ

تساوتْ لدْيكِ دماء الشـَّهيدِ

وعطرُ الغوانى وكأسُ المجُون

ثلاثونَ عامًا وسبْع عجاف

يبيعُونَ فيكِ .. ولا يَخجلونْ

فلا تتـْركى الفجْر للسَّارقينَ

فعارُ على النيل مَا يَفعلونْ

لأنكَ مَهْمَا تناءَيتِ عَنـِّى

وَهَانَ على القلبِ ما لا يهُونْ

وأصْبَحْتُ فيكِ المغنـِّى القديمَ

أطوفُ بلحْنِى .. وَلا يَسمعُونْ

أموتُ عليك شهيدًا بعشْقى

وإنْ كانَ عشقى بعْض الجنـُونْ

فكلُّ البلادِ التى أسكرتنى

أراهَا بقلـْبى .. تراتيلَ نيلْ

وكلُّ الجمَال الذى زارَ عيْنى

وأرقَ عُمْرِى .. ظلالُ النـَّخيلْ

وَكلُّ الأمانى الـَّتى رَاوَدَتـْنى

وأدمتْ معَ اليأس .. قلبى العليلْ

رأيُتك فيها شبَابًا حزينـًا

تسابَيح شوْق ٍ.. لعمر جميل

***

 

يقولـُون سَافرْ ..

أمُوت عليْكِ .. وقبلَ الرَّحيل

سأكتبُ سطرًا وحيدًا بدَمى

أحبكِ أنتِ ..

زمانـًا منَ الحُلم .. والمسْتحيـلْ

----------------------------

قصيدة «إنشودة المغنى القديم» سنة 1990

arabstoday

GMT 02:54 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

قالها ثمانى مرات

GMT 02:52 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

توسعة الحرمين!

GMT 02:49 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

جرائم ولا عقاب

GMT 23:13 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

هل يفسد أتباع إيرانَ الحج؟

GMT 23:12 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سنوات يوسف العجاف

GMT 23:11 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

أوروبا أمام مرآتها المتحركة

GMT 23:10 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

في تونس الخضراء ضجَّةٌ!

GMT 23:08 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

كبار السن وعصرنا المتسارع !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعوة للإصلاح أم للفوضى دعوة للإصلاح أم للفوضى



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 23:54 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

آسر ياسين يكشف تفاصيل أعماله الجديدة
 العرب اليوم - آسر ياسين يكشف تفاصيل أعماله الجديدة

GMT 00:18 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

تقلبات أوروبا وهل يعيد التاريخ نفسه؟

GMT 21:15 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

استهداف اسرائيلي لمبنى في جناتا في جنوب لبنان

GMT 05:52 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

ناسا تبث بالخطأ نداء استغاثة من الفضاء

GMT 07:19 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

روسيا تعلن إسقاط 87 مسيّرة أوكرانية خلال الليل

GMT 12:35 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

عروض تيلور سويفت تتسبب في حدوث زلازل أرضية

GMT 23:41 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

المغرب "ضيف شرف" معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024

GMT 12:38 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

استلهمي ديكور منزلك المعاصر من وحي الطبيعة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab