بقلم : فاروق جويدة
خرج العالم العربى من حرب غزة أكثر انقسامًا، لأن كلمة العرب لم تتوحد طوال عامين من الحرب.. كانت النخب العربية أكثر الأطراف ضررًا، لأن الأقلام اختلفت والمواقف تعارضت، وهناك من أدان حماس، وهناك من أنصفها، ومن وقف مع غزة، ومن شجع إسرائيل.
ولأن الموقف زاد تعقيدًا، انقسم الفلسطينيون بين مقاومة مشروعة واستسلام مبرر، بل إن الدول العربية انقسمت مواقفها، ووقف أهل غزة يحاصرهم الموت والدمار يتساءلون: من كان على حق؟ سلام عاجز أم مقاومة صامدة؟
وكانت المحنة الأكبر فى موقف أصحاب الكلمة؛ فهناك من بالغ فى إدانة حماس، وهناك من أعلن تأييده لإسرائيل بلا مسئولية. وكان انقسام النخبة أكبر الأزمات، لأن تهميش القضية أصبح أمرًا واضحًا فى مواقف كثيرة.
إن الانقسام فى صفوف الشعب الفلسطينى أصبح الآن أكثر وضوحًا بين سلطة تريد التفاوض بحثًا عن سلام لا يجيء، ومقاومة خذلها الجميع. وسوف نحتاج وقتًا طويلًا حتى تتوحد الكلمة والمواقف مرة أخرى.
وبقدر ما وحد صمود غزة قوى المقاومة، بقدر ما كان الانقسام نتيجة مخزية، فقد ظهرت فى النخبة العربية وجوه تمادت فى غيّها وأصبحت أصواتًا لإسرائيل، ولا أحد يستطيع الآن تعديل المسار والعودة إلى قناعات وثوابت قديمة، لأن إسرائيل نجحت فى تجنيد عناصر كثيرة باعت قضيتها وأصبحت أبواقًا، وأصبح من الصعب عودة الوحدة إلى صفوف النخبة العربية..
كانت النخبة العربية فى يومٍ من الأيام تمثل ضمير الأمة، وهى التى حرّكت المشاعر، وأنجبت الرموز، ودافعت عن أمن الشعوب واستقلال إرادتها، والانقسام فى صفوفها خسارة لا تُعًوَّض شعوبًا وأوطانًا.